كان من الممكن ...بقلم فادي حسن / سوريا
كان من الممكن ..
أن تكون كلماتي هذه حسراتٍ في جوفِ قلمٍ أُمّيّ ، يتنفسُ تحت غمامة أوراق ؛
تحلِّق بأجنحةٍ الذِّكريات البائسة ..
الّتي لطالما كانت الدّموع سَمْتَ حضورها و دحَّةَ صدرها .
كان من الممكن ..
أن يصدُقَ كلامُ الطّبيب :
ــ ابنكم لن يُكملَ يومهُ التاسع !! .
العلاقة بين (التعلُّق و الاستسلام )لغةً و مفهومًا لم أكن أعيها ، و لكنهم أخبروني فيما بعد ..
بأني تعلَّقتُ بالوجود ، مثلما شغفُ رضيعٍ بكَّاءٍ ؛ برائحة أمّه !
(و ليتها الحياة فطمتني حينها)!!
لم يمضِ وقتٌ طويل على إعلان تمردي ،
و إستقلالي عن رحم الطمأنينة.
( الرّابعةُ فجراً ، الثّاني من حزيران(1982)
..
كان صراخي مهذباً ؛ إحترامًا لنسوةٍ متشحات بالسواد ، و صوتُ مؤذن الفجر النَّائم في مجاز الفاتحة!
و كان السِّراج شاهدًا على عتَمة ذلك الثُّلاثاء .
كان من الممكن ..
بأن لا أُصاب بنوبة ضيقِ تنفسٍ حادة ، و زرقةٍ شاحبة ؛ تستوطن دولةَ جسدي الأعزل من مضاداتِ بوادرِ النِّعمة...
لولا أني كنتُ مواطنًا منحرفًا ، قبل الإستقلال ! ..
أُدخِّنُ ماركة (وِنستون أحمر ورق) ؛
من حبلٍ سرّي يربِطني بقائمةِ حياةٍ مجدولةٍ في دفترٍ دائن.
كان من الممكن ..
بأن لا تكون أُولىٰ خُطواتي في بدايةِ الشَّهرِ العاشر ، إلا إني عنيدٌ ، كبقعة زيتٍ على مريولٍ أبيض!!
تربطني علاقةٌ وطيدةٌ مع الأرض ..
حتّى أنّي أخافُ الوقوف لفتراتٍ طويلة في مكانٍ واحد
فتتّحد عمليةُ طرح الأملاح و المركبات الكيميائيَّة من جسدي النَّحيل ؛
كهامشٍ في مقال ؛ مع أملاح الأرض ، فتكون النتيجة توحّد ذاتٍ مع ذاتِها الضَّائعة في تأويلِ الجذرِ التكعيبيّ .
كان من الممكن ..
بأن أنامَ في تلك القيلولة ، مثل بقية أقراني في ذلك القيظ.
إلّا أنَّهم تركوا باب ممرِ بيتهم مفتوحًا..
و كانت الدَّراجةُ الهوائيَّة (بسكلتّة)
تُناديني :
ــ تجربةٌ واحدةٌ لن تضر !
تسللتُ خلسةً عنّي ، ككافرٍ من جحيمِ الرَّهبة إلى نعيمِ المأوَى .
غريبٌ ذيَّاك الإحساس الّذي انتابني حينها ، و كأنّي المذنبُ الوحيد في العالم!!!
أمسكتُ بالمِقْود و عرقي يتصببُ ، كحياءِ عزيزِ نفسٍ ؛ يتسّول حليبًا من ثدي غيمة !!
و لأنَّني جائعٌ و شره ؛ لم أكتف بتجربةٍ أو اثنتين ..
فقررتُ بأن أُفلتَ يديّ عن المِقود مثلما كان يفعل أصحابي ..
و نسيتُ بأن الرَّغبة ليست مبررًا للإستمرار ، فهنالك مقومات كثيرة علينا إدراكها لتنجح التَّجربة.
كان من الممكن ..
بأن أتجنَّب تلك الجروح و الرُّضوض الّتي أصابتني ؛ لو أنهم لم يتركوا باب الممرّ مفتوحًا...
كان من الممكن........
...................
من الارشيف
فادي
كان من الممكن ...بقلم فادي حسن / سوريا
Reviewed by مجلة نصوص إنسانية
on
22 يونيو
Rating:
ليست هناك تعليقات: