هل يمكنك أن تتعرفي على حياتي ..بقلم عامر الطيب / العراق
هل يمكنك أن تتعرفي على حياتي
كأنك تقرأين كتاباً عسيراً على الفهم ؟
يجب أن ينتهي هذا الكتاب.
يجب أن أتخلص منه
أحرقه أو أعيره.
لكن قبل ذلك يجب أن أحبه
أو أفهم من فصلاً صغيراً على الأقل .
أنني أسأل القراء النهمين الآن
هل من المناسب أن نحب الكتاب الذي نقرأه
بقدر أقل من ذلك الذي ننساه على الرف؟
♤
بيدي الفرح و بالأخرى
خلاصة المأساة.
أنت صديقة و قد فهمتِ ذلك الآن
و إن صرتِ حبيبة
سيختلف الأمر قليلاً
فثمة ثمن للتعود على كائن بيدٍ واحدة فقط !
♤
عاصرتُ المسافرين الذين أحبوا
عاصرتُ الجنود الذين فروا
عاصرتُ التجار و السماسرة و مزوري
الأوراق الثبوتية أيضاً .
كل ذلك ولم أسأل أحداً منهم
لم تبدو مهارات العشاق
مشبوهةً ؟
لم لا تتشابه اللغات مثل مصائر الدول
فنؤشر على الكلمات التي
سنقولها غداً
لئلا نقولها الآن؟!
♤
في الحلم كنت مهذبةً و كانت حكايتك
عاديةً و عندما بكيتِ
نزلت دموعكِ باردةً مثل فراغ الكهف.
وضعتُ يدي على كتفك و أخبرتك:
أنها لن تكون نهايتنا ،
سنبكي طويلاً و نضحك بجمود دموعنا ،
ستصير الأرض سريرنا الصغير.
أنه مشهد الحلم المحبب للآن
إذ نضع رؤوسنا
على النصف الصغير من البابسة
و أقدامنا في النصف الهائل من الماء!
♤
هل ستصير كهلاً بعينين هزيليتين
تتفقد الأوراق و تنجز عملك ببطء؟
هل ستجلس ساعات
في الركن
فتشتد حرارة الشمس
و يدخلونك للغرفة مجبراً :
نم على فراشك،
دقائق و نجلب لك الدواء و الأكل .
لا تعاند،
التفرج على الشاشة عن قرب
يؤذي عينيك .
أعرف أنه خطأ جسيم أن يتذكرَ المرء حياته
في بلاد مشمسة
لكن البلاد البعيدة ليست أفضل حالاً
لأن الماضي هو الماضي
في بغداد أو في الهند أو في بيتي !
♤
لأننا صغيران بدت لنا
الأرض نورانيةً و ضخمةً،
بدا لنا الحب حنوناً كالدم الذي سفكناه
و غسلنا الأثر
لنكبر و نفتح الأبواب و نطير .
لكني أردتُ منك أن تصفي
ذلك الهم الذي عشناه بكلمة واحدة
فوجدتِ أنه مشهد شاق :
قطرات صغيرة من الدم
لكنها تبدو الأشد وضوحاً على الورق!
♤
بعد أن نمتُ حلمتُ بالكلمات الطويلة
و هي تترصدني
كلمة تجرني من هنا و كلمة تتطاول معي ،
عندئذ سألتُ
أين الكلمات الفقيرة
التي تقال مرة واحدة و تهمل؟
فقيل لي :
ها هي موجودة داخل هذا الحجر الصلب .
حسناً سأصقله
مراراً إلى أن يلمعَ الصمت!
♤
هذه حياتي بعد أن انتهى
كل ضياعٍ إلى خاطرة صغيرة
نستعيدها لنتسلى
أما الدموع فيقال أنها صعدت
مثل الأرواح
إلى الله
و إذا لم أخطئ
فإن الدمعة التي تطردها الملائكة من الباب
ترتبُ حياتها الثانية
في المنديل!
♤
امرأة لا اسم لها
عندما شرعت بالتعرفِ على رجلٍ
خيل لها أنه سيكون ورطة
إذ سيجد لها اسماً
وقد يفعل ذلك بشغف و سرعة مفرطة
ثم سيطلب منها أن تنساه
عندما لا يعجبه تماماً.
قالت الآن :
هذا شاق بالنسبة للنسوة
اللواتي ولدن بأسماء
لكن بالنسبة لي
فإنه لا يكلفني سوى نسيان اسمي !
♤
أعيش هادئاً حين تقومين بالتسوق
لا أقول لقد تاخرتِ طويلاً
أدعك تضعين الأغراض على جنب
و أقبلك
هامساً :
لم تأخرت كل ذلك الزمن ؟
لقد خرجتِ من البيت
قبل أشهر
و المؤسف في الأمر
أنه في كل تلك الفترة الطويلة التي عشتُها في غرفتي
لم تتحسن صحة
المدن العرجاء
و لم تنتهِ الحرب!
♤
لست مجروحاً إن كنتُ ألتزم الصمت
بينما يتحدث العشاق
عن حكاياتهم
لكن قصتي مغايرة نوعاً ما.
هي حكاية الرجل
الذي فتشَ
سنوات طويلة
عن كنز أسلافه
و بعد أن كسرَ الصندوق الخشبي الهائل
وجده فارغاً
إلا من المفتاح !
♤
وجهكِ غيمة عالية
أنت للآخرين أو لي، ذلك ليس سؤالاً غبياً.
إن كنت مرحة
فلا تمطري إلا و قد فرغت المدن
تلقائياً
و إن كنت حزينة
فهناك فرصة الحب العظيم :
أن أفتح يدي كطفل ضرير
فتقع القطرات المالحة على عيني !
♤
لا أحب أن أصير عظيماً
لئلا يتعقبني رجال يعتقدون أن الرجل العظيم
لا ظل له.
أمشي في الأسواق
فيمشون خلفي،
في المسرح يراقبون إن كان لأصابعي
خيال على الجدار
لكن أصابع الجمهور تختلط معي سهواً .
و في المقبرةِ
يفركون عظامي جيداً
ثم يقولون :
" أنه ميت عادي
و يبدو أن حياته عادية أيضاً
مثل حياة أية شجرة
لكننا ضيعنا الحكمة الثمينة
و رحنا نسألُ عن الظل "!
♤
أنني مهتاجٌ
أحاول تذكر أغنية لطيفة عن المعاناة
تخطر بعض كلماتها قائلةً :
" أنا الذي يحبك و الرجال الأقوياء
كذبوان جميعاً،
بعد أن نمت
تلصصوا على أفخاذك
و غطسوا ملابسك في الحوض"
أنها أغنية رحبة يمكنني أن أؤلف
نهايتها مثلاً :
أنا الذي يحبك ،
جسدكِ فرح عظيم بالنسبة لي
سيموت الرجال الأقوياء
يوماً ما
و أجفف ثيابكِ على الحبل"!
عامر الطيب
هل يمكنك أن تتعرفي على حياتي ..بقلم عامر الطيب / العراق
Reviewed by مجلة نصوص إنسانية
on
11 يونيو
Rating:
ليست هناك تعليقات: