ثلاثة عشر نص للشاعرة السورية سلوى إسماعيل
البساط قصير جداً
..............
تنسّلُ من بين أصابعي
فراشات الصباح
ملّت نزق أناملي
التي غادرها النور إلى زهرة
ضمته بين تويجها وغفت
دع كفك مفتوحة لليل
ربما تسقط نجمة
او غيمة تاهت عن القطيع
النجوم تتمرد على السماء أحياناً
حين تعتصم بخيمة الأنبياء
انزع شوك الوجل
بقايا يقين بجميل آتٍ
مسامير الصلب صدأت
آن أوان النزول
البساط قصير جداً
لم يعد يلائم أرجلنا الممدودة في العراء
---------------------------------------------------
حروب الورق
..............
حروفي الهزيلة لم تعد تحتمل الحرب
كل القذائف التي هوت في قلب مدينتي
دكت مضاجع الحنين وحطمت نوافذ الأمل
ولم أبادلها الركام
و لاتستهويني حروب الورق
طرقة باب تفاجئ هذا الصمت المطبق حول عنق اللحظة ..
رعشة انامل تجفل مقبض
شجرة بابي
ولا أحد هناك سوى طيف آخر مفقود
من آخر حرب
أيا حروفاً من صاعقة جبلت
أنا ركام ..
شرارتك لا تنفع الرماد ولن يضيء
أنها فقط تقض مضجع ذاكرتي بصرخات الحاضر
المشبعة بالرصاص والمليئة بالجثث
يا آخر امنيات السلام
اتدري حين حان دوري في الخلق
نفد طين الرب
لملم فتاتاً من كلًّ ما تناثر حوله
من نور و نار وماء وتراب
صنعني بيديه ونفخ في جميع جهات الارض
قبل سقوطي الاخير اليك
كي لا اتفتت
ولا انطفىء
ولا أتبخر
وامارس الغياب القسري حتى موعد بوقه الاخير
--------------------------------------------------------------'
أمّا بعد
فأنني أحبُّكَ
دع يدك الموشومة بعبق البنفسج
تطوّق خصر الياسمين
لنبتعد قليلاً
عن نزق الشعراء
والقصائدالمشبعة بالهجر ودمع المسافة
تعال نتعارك بصمت
يدك تلملم خريفاً داهم شعري
وخدك عصفور حطّ رحاله على راحة كفي
يلتقط آخر تلويحة
يرمي بها خارج اللحظة
مازالت يدك تحمل عبق المقاهي
حكايا فناجين القهوة
وكتاب تركه عاشق سيء الحظ
رحت تقلّب صفحاته وتضحك
--- معاً إلى الأبد
أفيون القلوب العاشقة
شذرات الفضة المتناثرة
كل خصلة تُخفي حكاية عشق
أنتهت بهزيمة
أفرحُ رغم أنني متخمة بالهزائم
أحبُّكَ يهمس صمتي
ويَدُكَ ترفع النظارة ، وتبحر بعيداً
-- هل قالَ لكِ أحدٌ قبلي
كم هي جميلةٌ عيونكِ حين تغضبين
---------------------------------------------
دعك من كلام الشعراء وقافيتهم المجنونة
حدثني عن اسعار الخضار
عن ساعات انقطاع الكهرباء
عن سبب شح الماء
ثقب جيب ممتد من اقصى القهر إلى اقصى الرغيف
حدثني عن الزاوية المنحرفة
التي تطل من نافذتها جارتي
وهي تغمز لسيارة عابرة
تدور حول نفسها كالفرجال
قبل ان تقف بخط مستقيم
لتغدو ابتسامة جارتي منفرجة كحديقة عامة
الخطان المستقيمان لايلتقيان
إلا بعناق او حادث اصطدام
بعض النظريات تختلف عن الواقع
كل خطوط القهر متعرجة
لاتستقيم إلا إذا تسللت لزاوية حادة
وحين تتعمق
تنكسر
تتناثر كشظية صدمت موشوراً
لترسم على الجدار ألوان الحزن
الكل يسير
متساوي الساقين
يجلس بزاوية قائمة
إلا الفقير
يسير بظهر منحني كنصف دائرة
هلالٌ يبشّر بالصيام
-------------------------------------------
للسماء الدعاء ولنا القهر
..............
على شرفة الأحتمالات
تترنح كؤوس الليل ثملة
حين كان الفجر غايتي
والسماء تفتح ازرار قميصها لغواية الشمس
في طرقات المنفى
كل ماحولك أعمى يتخبط باللاشيء
حتى آخر شهقة بحر
حيث مراكب السهر تقتحم مرافيء الترقب
لسوسنات الفجر نعومة الزبد
تغسل وجه النوم من صراع أحتمالات البقاء
السير مجدداً في دروب الحيرة
لاخيارات
تمضي بلاملامح
بلاقدمين
تتدحرج كرة في ملعب منفاك
قدم وركلة
وشباك تهز جسدك
لنطرق أبواب الرّب ،تلزمنا عشرات الأيدي
و أيادينا المبتورة تصلي
تحت ركام كان يوماً بيتاً
جدرانه حب
نوافذه قلب
بابه أبٌ مقبل بابتسامة
وطفولة تحبو على درجه
كسلم موسيقي يتعالى الصخب ويهدأ
كم مرة سيُحرَق هذا القلب
كم جبلاً من الملح
سننثرحتى يلتئم الجرح
للسماء الدعاء
ولنا القهر
------------------------------------------
حين كانت تكتب أحبّكَ
كفراشة كان
يحلق بين الزهرات
يرتشف رحيق الكلام
حتى يحمّر وجهه كطلاء أظافرهن
كل ضحكة لون ورعشة أنامل
تحيط بخاصرة العبث
الرسائل فقدت بريقها
تئن من الوحدة في صندوق بريد مهمل
تنتظر أصابع الريح أن تنتشلها
من مأزق الوهم
آخر أغنية تمردت على كلماتها
ركبت صهوة اللحن
غيّرت مسارها
بعد أن سقط العنوان من جيب اللهفة
حين كانت تكتب أحبّكَ
كان يجالس قصائد مدينته
يعوم بشقاوة طفل حتى الغرق
موجة تجره إلى الأعماق
وأخرى تغريه
ليغوص أكثر فأكثر بحثاً عن قفلته المدهشة
---------------------------------------------------------
كن ناياً
.............
ك عصفور صغير
لايتقن الطيران
غامرت
أطلقت جناحيَّ للرّيح
لأحط على غصنك
كلّي يرتعش خوفاً من السقوط
لكنك كنت بعيداً
وسقطت
الغياب خيط يلتف حول عنق اللقاء
يقطعه
لتتسع الهوة حتى يتلاشى
في زحمة الأيام
لك مني كل ضجيج أجنحة الشوق
ووجع المسافة
اينما رحلت سرب فراش يتبعك
أيها القابع في كهف التأملات
مانحن إلا زوارق من ورق
تمزقنا موجة غاضبة
كلما سرقت الرّيح تعويذاتها السرية
نايات غربة
قصيدة تنزف على حدود وطن
تتسع ثقوبها كلما لوّح منديل لمغادر
كن ناياً لظل فرح مرةً
أمسح خرائط الحزن
أنهار الملح
مازال الجودِيِّ بعيداً
ومراكبي كلها مثقوبة
----------------------------------
مشهد يومي
لاحياة
لاموت
اتلاشى هكذا
بين الحياة واشباهها التي مرت
شرفتي ملعبي
كل خطوة ايقاع
وكل ايقاع هاوية
ياشرفة الأماني
يا سرّ غواية الحرف
يا أنين القمح
بين شقيًّ الرَحى
كل من عرفتهم
رحلوا
اناملهم حقل شوك
أتحسسه براحة يدي كلما مروا بخاطر الذكرى
يوماً ما
ستحملني الريح
قصيدة إلى حقول القصب
ناي حنّ لجذره
روح بيضاء
لاممرات لنزق الريح
احتفل أيها الصمت المقدس في إثم قلبي
فلا شفاه ستقرأ تراتيل الوجع
-----------------------------------------------------
حين قلت أحبكِ
كنت أعرف بأنك لاتعنيها
كان ينقصها
ذلك الضوء الذي يقود الفراشة إلى حتفها
كانت خالية من السكّر
لتلتصق بشغاف القلب
تعلق كغزل البنات بالأصابع
فألعقها بمزاج طفلة
حين قلت أحبكِ
لم يدق قلبي كطبل ريفي
وتتلعثم شفاهي
لم ترتبك قدمي وأنزلق
كلمة عابرة
ككل عابرات جنتك
يلتقطن حبات التوت بشغف طيور السّمان
المسافة بين طيور عابثة وقصيدة
بلبلٌ وشجرة
----------------------------------------------------
لاشيء يثنيني
...............
ليل و طيف عابر
يتناوبان على قضم قلبي
وأنا مازلت أنا
أغزل من قطن الغيمات
سترة تقيني بلل الشوق
المطر تنازل عن انهماره
لدمعة
والأنامل
تركض خلف ظل شمعة
وظلي المنزوي تحت شجرة الأيام
مازال ينتظر الفجر،كي يرحل
لاشيء يثنيني
لأنك حلمي
أجنحة مهاجرة تهدي للبحر زرقته
و للموجة بعض من تمرد
كل البحار التي سكنتني
تركت في قلبي موجة وشراعاً
أركبها حين تشتد عواصف اللهفة
في قلب الشاطيء
لاشيء يثني موجة من الأصطدام
بصخور الشاطيء كي تعبره
حين يصبح الحلم انتحار
واللاعودة متاهة في غابة
طرقاتها متشابهة
حتى آخر عصفور مغرد في مخيلة شجرة
-------------------------------------------------------
أنا أليق بي
..........
أنا أليق بي
أنا كل مشاوير العشاق تحت الشرفات
أنا الحصى و الزجاج ال ينتظر تحطمه بلهفة
أنا تلك الليالي الباردة، على شرفات الحلم
نزق أنامل انتظار ،تنحت جدار الذاكرة منارة
لتهتدي السفن التائهة بين شك ويقين
رغم ضجيج اجنحة النوارس
أنا تلك الحكاية ،التي داعبت عيون الأطفال
لتدخل الفرحة إلى قلوب غضة
ترسم على أكفهم ،قطعة حلوى ذات حلم
أنا تلك الفراشة ،التي عشقت النار
تطوف بها بوله ،رغم يقينها
بأن هذا انتحار وأنها ستحترق
أنا قصيدة حب عمودية في زمن النثر رغبة فقط
ّ بأناملك كي تغوص باحثة
عن صدرها وعجزها وقفلتها المدهشة
وقتما تغرق في بحرها الوافر
أنا مقطوعة حزينة على ناي
نسيتها أصابع ثملة في غابة الوحشة
وحدها الريح تصفر
يرددان معاً لحناً كوردياً حزيناً
عن المرأة المغادرة مع شباك الصيد
تبحث عن سمكة تقول الاسطورة
في بطنها خاتم ماسي لعل قدرها يتغير.
---------------------------------------------------
الليل لايعرف الكذب
..........
في الليل
تجتمع الأفكار كسرب عصافير
تنبش تربة الذاكرة
بحثاً عن فتات شوق
سنبلة حنين
غافلت منجل النهار واختبأت
في الليل تتحول النافذة لمسرح
كل أشباح يومك تعتليه
والأرق يصفق
وأنت تدخن آخر سيجارة
من علبة الخيبة
تمدّ عنق اللهفة
حتى آخر زقاق التوق
يلتف على عمود الإنارة
يزحف كأفعى نحو الضوء
ليكسره
العتمة طريق خطًى تائهة
كرهت أضواء المدن المزيفة
الليل لايعرف الكذب
ينثر كل حكاياه على طاولة الأعتراف
ليتعرى كل جزء فيك
أمام مرآة الحقيقة
لاشيء ينقذ عقلك إلا الاستسلام
الغوص بعيداً حيث أنت لا أحد
------------------------------------------
نحن السوريين
يحبنا الله كثيراً
نُخْتبر بالبلاء
ولكي نريح الملائكة
نتفنن بالموت
تارةً
نتأرجح على حبل
جسد بعنق مكسور
يتدلّى على صدر القهر
وتارةً
وجبة طازجة لأسماك
سمعت بان لحم السوري لايسبب تلبك معوي
لنقاء دم طهّر جسده
قبل ان يركب البحر بحثاً عن إنسانيته
وتارة
فئران تجارب لأكتشاف معجزة
وقود لنار كراهية ومنطق من لامنطق له
قوافل أقدام عارية على حدود
لاتفهم معنى حين يتخلى عنك الرّب
نملٌ زاحف
يملأ أسواق الوطن ،بحثاً عن فتات
الأسعار تزيد ملوحة العين
ضغط قلب فُقِدْ
تدور الأرض حول محور الأحتمالات
يفرُّ الضوء
يهرب وطن
تسقط السماء من لسانه
مجعدة ...منهكة ...كبقية حياته
بين حكاية وحجر
---------------------------------------------
ثلاثة عشر نص للشاعرة السورية سلوى إسماعيل
Reviewed by مجلة نصوص إنسانية
on
07 يونيو
Rating:
ليست هناك تعليقات: