خمسة عشر نصا للشاعرة السورية فوزية اوزدمير


قال لي فتىً :
من الصعب أن تكون إنساناً
الوجه قناع الحقيقة المعذبة
أهم الأشياء هي :
أن تحيا .. !
نظرت إليه من طرف اليمين
لم يأبَه بنظرتي اليسار
الرجل الذي شُلّّع صوته من حنجرته
ولحيته مشرعة بأتجاه القصي البعيد
بأكثر من طريقة للصلاة
في ذلك الوقت
الذي يختبئ الوقت في كلّ مكانٍ
تحت كلماته ..
يبني جسوراً مطرّزة
بالعصافير إلى ذواتِ
فردوسنا المفقود
كان أبي
كيف أعرف أن القصيدة انتهت .. ? !!
===========================

لماذا
كثرت مساحيق الكلام ..
خلف اللاشيء
أن أكون لا شيء
في اللاشيء
قبل القيامة بقليل
وأنا ..
أجوب نصف ظلي المرقع
بملامح أخرى
صوت يطن في ذهني
من رأس فارغ
يرتجل رقصة
يجر شهوته المشلولة
بعض ريق سال
على لوح محفور
مكتوب بمرقم من قصب
في عري نجمة
فوق رمال مكممة
تسند العتمة فوق البيت الصامت
طاوية الظلال
بلا ختم
يتموج ظل فراشة
فوق الحذاء المنقوش
وسط هذه الفوضى
والجنس يأتي متأخرا على ظهر سلحفاة
أحبس أنفاسي خلف برواز الساعة
وأترك أنفاس العقارب
تموه عن مكان وجودي
يرتعش فراغ الشمعة
يطفو
يركض
يرقص
يعانق
يفترس
ويمطر
كل خيال يتهدهد في الأرجوحة
يدخل كطائر في الأبيض اللامتناهي
مثل نافذة تطل على نفسها
تراقب ظلال العالم
وتهوى أنة في الماء
الموت يبدأ بسقوط تفاحة .. ?!!
=======================

يتأرجح الوقت فوق هاوية الفراغ ..
صرخة بلا صوت
كثيرة هي تلك الأرواح العاجزة عن فهم
الحب في لغة جثة ميتة
في بيت الدمى
وجودها ليس بصيص الضوء القصير الآتي
من شق بين أبديتين ..
وضحكة في الظلام
تقاوم ..
لتملأ الحفرة العميقة بأعماقها
تشدها " أنا " ممزقة نحو الفراغ
الذي كانت تقاومه
نتاج حياة تناسلية
في بيت كلاسيكي ، يضم
زوج وزوجتين
والإيمان بالله ..
وحب للخمر ،
وجنون وراثي
وكثير من أخبار الجرائد الصفراء
ربما تربطنا بشكل مباشر ومبتذل قليلا
ككأس خمر على مائدة شراب الفقراء
صوت ..
صورة ، ورائحة
بين التمرد والعشق ، والقمع في مدينة الوهم
غيرت أسمي عدة مرات
ارتديت أسماء كثيرة
رقصت بها
حافية على جسر
 الآه ..
ثم خلعتها ..
فروحي ما زالت تحت الترميم
لن تحتمل خذلانا آخر
هكذا كتبت على حائطها
في مواجهة ذاتها
الغارقة في السياق الكولونيالي
من وجودها المادي في الحب
كل هذا الذي أسرده
في ١٠ دقائق و٣٨ ثانية
في هذا العالم العجيب
الذي حاولت قدر المستطاع أن أحمل رسالة الوساطة
بين الرب وجثة قد أخذت تتفسخ في الجريدة
أن أجمع بين لحظات الحزن ولحظات الحب
أن تكون كل كلمة من كلماتي تنفخ الروح ثانية
حياة أخرى .. ?!!
====================================

و ..
يحدث لي أحيانا ..
أقضي ليالي ساهرة
أمام المرآة
أمارس لعبة النسيان …
لست مريضة
.. كي ..
أنسحب من سراويلي الفضفاضة
كرغوة الصابون
أنا أتضور جوعا ..
ويبدو لي
أن صوفية مفردات ذاكرتي
وحسية رغباتي
تتجمع حول مدفأة الشتاء
 .. ربما الذاكرة هي الأسوأ في التعافي .. ? !!
=============================

أخبرتني عجوز طاعنة في الحبّ
تتصفّح فيها الشفاه بهدوء
كما الطاهية
تقلّب كتب الطبخ
تجدّد الروح ..
وتحيي الجسد
إنّ أصغر ذرة تراب حيّة
وإنّ الشمعدانات تضحك ساخرة
من ظهري المحدودب ..
وإن للقُبلات نكهة
تعتمدها البيرة الوطنية نشيداً للحزن
وإنّ للطبخ فنّ
بمذاقٍ حادقٍ أحياناً
مائل إلى المرارِ بعض الشيء
حلوٌ ..
 ربّما .. لا أدري .. !
من الصعب على المرء
أن يجدّ تعريفاً واحداً
ونهائياً لمعنى الّلذة وجَدواها
ف للطبخ طرق كما طُرق الربّ
طُرق البيروقراطيّة المُقدسة
ك فنّ طهي أزمات السياسة
وأن الجنس مضيعة للوقت
يأتي هائلاً معروقاً
يزحر ألماً
ويتشنج
كالمصاب بداء الكلب
يفتح فمه برخاوة
ساخراً بصفاقة
كالخادم المترهل على أريكة قذرة
يُسقط الساعة الثانية عشرة
مهتاجاً
مرتعشاً
كجوقةٍ في الكنيسة
كنبضِ الميت
المنفوخ
يجلجل
ضائعا
في غياهب السحاب
ساعة المغادرة
حين تقف الصرخة الأخيرة في البلعوم
تتوسل الأبدية
الهاربة ..
على ..
فَرشةٍ سماوية ..
 " أليس من ذلك بُد.. " ؟ !!
=========================


لا أعلم ..
لِم يكتبوا التاريخ بالحبر السري
يضطجع كامرأةٍ ..
تتملمَل عارية مستسلمة .. !
والشِعر يغرقونه في الدموع والنشيج .. !
والأدب بالدم ..
كملحقِ الجريدة المجاني .. ?
كلّ شيءٍ هو حكاية ..
كلّ شيءٍ هو قصة
رواية ..
ولتفكّ أزرار الصوت دون أسباب
في جوقةِ الملائكة
تغني ..
والربّ - قادم للعقاب
يصبح الشارع مقعياً
يمضي ملتوياً أخرس
كنكتةٍ طويلةٍ فاجرة ،
فتختلط الّلكنات ..
حين تتوضع جثث الكلمات
 المتعفّنة ..
تصرخ من شدّة الألم
أكلُّ هذا الوطن مغروس
كالنصل في خاصرتي .. ؟
ما يجعلها مغويّة
مثل دمى الماتريوشكا
أن تغمّض عينيك ،
ويدك الماكرة تغازل مِقبضْ الباب
لتزيل حجاب الساعات
الدائري
ومواء القطة ..
تراجيديا بشعة
تتخبط كخيال سمكة غبية
تخبط في وحل القلب
يفتح باب السماء
 بصلاةٍ باطلةٍ ..
واللعاب السائل على الوسادة
يزدردك كسائلٍ منويّ
استفرغَ في الحرب
بشهوتين
في كلّ سريرٍ مزدوج
في كلّ عبارة
إن شاء الله
تلُوك موجز الوطن
في دقيقتين إثنتين
لحن مُرتجل
مسدود بغيهب الظلام
الشّفاه الملتوية
تنطلق كالعاهرة العارية
تقضمُه بنهمٍ
 أكثر رعباً من فانتازيا غوته .. !
هذا فعل خائن
كالرقص على قرن الكركدن
أشبه بالفعل السياسي .. ? !!
======================

كثيرا ما تدهشني الصورة ..
فلا أستطيع أن أخفي شعوري بالفراغ
ليس فراغا ..
بل هو يتم في ظلي
يتسلل تحت جلدي
وأنا أجثو يوما على ركبتي عند قبرها
في المقبرة التي لا يوجد فيها
أموات ..
بل أرواح تخلد للأبد
تدور رحى ذاكرتي
في العالم الكبير
لا أستطيع تفسير علة السحر
الكامن فيه ..
ولكنه عالم صادق ، خيالي
يذكرني بلحظات اشتياقي
عندما كنت طفلا
لم أبلغ بعد الرشد
وأقفز على متنه
قبل ضياع فرصة أن أكون نفسي للأبد
قلت : لا أظن سيحبك أحدا مثلي
أتذكر أن قصتي كما قصتها
كان فيها ملاك لديه كل الأجوبة
هي كل ما ينتظرني أنا .. ? !!
========================

لماذ أيها الربّ
حين لعبت دور الجثة
لم أكن من كأنّني
قبل أن أكونه .. !
أنا الميت الذي ترك الندّاب حذائه
 على باب قبري
 يشرب قهوته
المُرة
يلّف سيجارته كأصبعِ القدر
يرقد بكلّ بساطةٍ على ظهري
نحيلاً كظلِّ إبرة
ليس في فمه صلاةٍ واضحة الحروف
نحو بيت الحياة
الذي يموت
في رّحم الألوهة العاقر
وجثتي مقيدة بخيطٍ خفيّ إلى الجنة
حين حبل السُّرة
انقطع ..
وامتدّ حبل المراثي
يختصّر الكون
بكأسِ خمرٍ وجمرة
وظلّ يسقط على دنياي .. ? !!
=======================

أليست الغربة
قارورة الجعة الفارغة ، وسيجارة لم أكن أملكها
وغرفة مكسوة بالغبار ومليئة بالبقع
وثمّة سريران صغيران منفصلان
وبضعة كراسي شبه متهالكة
وجرائد قديمة اصفر لونها ، ويبست من فرط تعرضها للشمس
وجذع عار خاو
يجلس القرفصاء
يتأرجح كضوء شمعة يترنح ..
ودماغاً يحيا منفصلاً عن الجسد
ووجهي كالذكاء
مثير للازدراء
قليلاً
بارد
غامض..
لكنه متحرر من التعقيدات
يبدو لي أحياناً كائناً مكتملاً
شديد الحزن
كما لو كنت محاطاً بالرعاية ، وبشيء من الرغبة في البكاء
لقد كان الأمر ضبابياً بعض الشيء
فترعبني الصورة
بعد أن ضجرت من الجري والتجوال
في سقف الغرفة المتعرقة
وأنا أنفخ من شدّة الحر اللعين
فتنتفخ أوداجي من قسوة البرد
كعاهرة تجرُّ نفسها متشبثة ببقايا لحمها المحمر
المتشقق من شدّة الجوع وحيدةً وسط القذارة ومنزوية في قاع الغرفة .. ؟!!
لم يكن بمقدوري التسلي بخرافات الإعلانات .. !!!!!!!
===================================

أثمّة امرأة كونية تحيا في أعماقي ?
أردت البكاء حتى تتساقط عيناي
كان الوقت بخيلاً يسبح في نهر ، وقدماي في الماء البارد تتلمّسان الحصى ..
وداخل صومعة غرفتي أنايّ ضئيلة ، حذرة ، سليمة العقل جداً ، تريد البحث عن يومٍٍ سيءٍ للكتابة
هل يمكن ذلك .. ?
- الكتابة تحصل كالهواء
هي عارية ..
وتمرُّ مثل أي شيء لا يمرّ في الحياة ، لا أكثر ، الحياة
- ثمّة جنون للكتابة في نفسي
جنون أحمق للكتابة ..
لم أكذب في حياتي قَط ، ولا في حياتي كذبت
اللهم على الرجال
أبدا لم أكذب ..
ويرجع السبب إلى تخويف أمي لي بحكاية الغولة التي تقتل الكذابين ..
عندما أكون متعبة داخليا ًحتى النخاع ، أختبئ خلف يومي السيء إلى درجة الإيلام ، لأكتشف مشهد ذاتي الداخلي ، مثل عالم أو فيلسوف عتيق
وأتحرك بلطف وأنا مرتدية نصف بيجامتي المرقشة بالأزرق ، سأبحث عن شيء ما داخل جيوبي ، سأراقبه ..
سأجد  دفتر ملاحظاتي ببساطة ، وسأبدأ بالكتابة ، سأتذوق ما دوّنته ..
لا يمكنني التنبؤ بما سيأتي بعد كل ذلك الانتباه
مأساتي أنني أحب بعمق عظيم .. !
وهذا الشعور في مثل هذه اللحظات من العزلة والانخطاف ، لكل شكوكي التي تعزز الغيرة التي تسكنني ..
أشعر بوصول هذه اللحظة مثل التغيّرات في سن اليأس بالرغم أني لا أعاني من متلازمة انقطاع الطمث
ولا أشعر بأنّني جزء من الجريمة ، ولكنني سأكون شريكة في نفس العقاب
شكل قصتي الذي سينقضي عليّ بسرعةٍ خاطفة
مثل سمكة زلقة ..
تتجاوزني بعد أن تلمس أقدامي الحافية وسط غبار كثيف كحبٍ أعمى ، تصعد لكاحلي وكامل جلدي وتلعق قلبي ، بينما أنا مثبتة في الوحل انزلق إلى هاوية أو في فنجان قهوة ، أدعو وقتي : تعال ارحمني .
ولكن ألم أبهركم ?
هذه سمكة إلهامي تُعدّ البن الطازج
تطحنه
تصنع قهوتها
تغليها على نار هادئة
تصبّها على مهل :
وترتشف .
لم يسبق لأحد غيري رؤيتها ، يمكنك أن تتخيل تلك الّلذة الباهرة واللاهثة لأفكارك ، وهي تشعرك بوميضِ خروجها من سطحٍ يحرك الخاص  .. !!
أنني أعيش من أجل أشيائي الكثيرة
وإلا كيف للمرء إنتاج تلك الأسماك الأسطورية في يومٍ سيء ? !!
=====================================

يجلس محترقا
مثل حزمة قش
في عين الموتى
رمادا يجرؤ على الأنين
عندما انتهكت الأسئلة
مهزلة العقل البشري
كيف حولوا هذا العالم إلى لعبة تفاهة .. ?
النادل في المقهى المجاور
أن تعيش هو : أن تحمل أناك المتألمة
وسرتك ..
كعالم صوفي
إلى متى سنشيد كاتدرائيات اللاجدوى حول الكون
ونبكي عندما لا يشاركنا الناس في عباداتها  .. ?
ليس لديك طريق آخر
ولا بد أن تسير في أحدهما
طريق الطمأنينة والركود
أو
طريق القلق والتطور
المال عاريا
يتلكأ بين فخذي
ويذوب
مضطجعا فوق فراش
جسد الوطن
نائما فوقهم الشرشف حتى الرقبة
كامرأة تصيت احتقارها في أحلام بلا ضجة
سيكون الفراش جحيمها
والثمانية حول نهدها يرسمون
لسان الحرباء
بينما خادم الأبرشية
يلتقط الرماد في بوز الكنيسة المتلألئ
ناظرا من فوق إلى جسدها المنتوف الريش
لماذا تبحث في بستان الكرز عن صيغ فكاهية إعلانية .. ?
مازالت حدود المهم واللامهم موجودة كما في خيالنا الخصب .. !!!
=====================================

أتعلم .. !
لا زالت الجدران
تهمس غربتي
فأنا ..
الشيء ..
وأحيانا
عكسه
فردة روح ناقصة
أقسو كي لا يكسرني
الشيء
كمن يموت مبتسما
أبكي
أضحك
هربا
من قبحي ..
من ضحكتي المكسورة
من هذه التعاسة الرمادية في عيني
ما سرهما .. ?
أرى العالم حجرة زرقاء
وأحيانا تميل إلى الوردي
هل ترى ..
ما أرى .. ?
لم يعد يجدي أسف
هذه المرآة في عينيها المجهول نفسه .. ? !!
=============================

ها هي تضيع ،
تضيع ،
ضاعت ..
بين
 ثوب المستظرف ..
وعري المستضعف
وسط ..
الجحيم
حانة ..
رقم إيداعك
بين كل انهيار ،
وانهيار ..
مرحلة أخرى تنذر
بانهيار جديد مدمر
تسوق حتى الموت
أنت الرابح الأكبر .. ? !!
===================

أجزاءٌ كبيرةٌ منّي ..
سطور فارغة
مع كلماتٍ ممطرةٍ وغير مألوفةٍ
ترى ذكرياتها أشباحاً
فقدت لهفتها ..
لأنها تجاوزت رغبتها ،
وأفرغت الكلام من كراكيبه الكثيرة
كأسماكٍ نائمةٍ
على الجسد الفاقد للحياة
مفقودةٌ أنا هناك ..
حين تَوقَّد الطين
على أطرافِ صلصالٍ غامت مفاتنه
في صمت فاصلةٍ بين فراغين
وألمي محفورٌ في جسدي
ومنقُوشة رقصتي في حجرٍ
بالحروف المسماريّة
ستموت الأحلام بلُغةِ الإشارة
عارية إلا من تفاصيل الحبّ ..
ورائحة التراب
منشورة على حبلِ الملابس
كورقةٍ
بجانب الملابس المبلّلة
أسئلة تموت من الملَل
حين جاءني الموت ثانية
على وقع خطوات ظلّي
المعلّق في الخزانة
خزانتي التي لا تتّسع لي
وحده الموت يتّسع
لآخر معطف
ماذا أسمي الفراغ الذي سيصنع منه
مَخبأ الملائكة ..
وشهادة ميلادي .. ? !!
===========================

لا أريد أن أموت تحت عجلات شاحنة على الطريق السريع ..
مثل كلب أو قطة ...
أريد أن أموت كشهيد
تحت ركبة رجل أبيض
يجيد فن القتل
بحيث أسمع كل حواسي ترغي ،
وكل مسامي تزبد ..
وأتمتم ..
 أ ت م ت م
باهتياج
على .. إيقاع السرعة المجنونة
أنا ...
أ خ ت ن ق
لا أستطيع التنفس .. ! ! !
لقد انتصرت العنصرية .
خمسة عشر نصا للشاعرة السورية فوزية اوزدمير Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 09 يوليو Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.