ستة نصوص قصيرة للشاعر التونسي محمد حمدي



على  الجدار عقارب   الساعة  القديمة 
تلسع ارقاما   تنفذ  الانتحار
___
عارية
الا  من دخان العجلات  المحروقة على  الرصيف
شجرة الطرفاء
___
قبلة  عنيفة  من  عاشق  عجوز 
كومة أسنان
___
عشرون  عاما  وأنا  أتعلم   الناي 
وحين  نفخت  صاح  آي
فأعتزلته
-___
من  الطبيعي أني  ككل  الناس
في  دمائي   كريات بيضاء  وحمراء
لكن  الصادم  جدا  أن أكتشف  في  النهاية
أن  كرياتي  ثلاثية  الالوان 
___
مؤسف  جدا 
أن  الارنب  العجوز  الذي  مازال  في  عمره  قفزة
قفزها  أخيرا  لكن  في  هوة
=====================

كانت أمي
حقلَ  سنابل 
وكان  أبي  كل  المناجل
والبيدر .. والآلة  الدارسة
أما  أنا  فلست  سوى 
حبّة  هاربة  
حينما  أفزعتْ 
قبّرة ٌ حاصدة
اِخْتَبأَتُ    تحت  نهدها
================

الطفل 
ذلك  الطفل  والوحيد  جدّا
كمّ  كان  يُحبّكِ جدّا 
أينع ..يفَِع ..شبَّ
ثم  كهُلَ..وشاخَ
وأصبحَ جَدّا  ..
ثم  عجز فهرم  فمات
أكل  الدود  جثَتَهُ
أكل  قلبَه العاشق أيضا 
ونخر السوس  منه كلّ العظام
ولم  يتبقَ سوى  صوته  المسجون 
يُحاول  جاهدا 
احداث  شُقّا   في  سقف  اللحد
ليصرخ 
ان  مررت    ذات   صدفة  
بطريق المقبرة...
أُحبّك   جدّا
=============

للغربة أسماء
وطني ..
قريتي المهجورة المقفرة العارية
حبيبتي فاطنة ...
قصائدي المعلّقة في الهواء
ونُكهة الانتظار
أمدُّ أذرعتي الألف
أنصب أشرعتي
و أرْسِلُني ....الى الخلف
حين كان أبي يضاجع أمي
كنت أنتظر اللحظة الحاسمة
كي أقفز الى رحمها
حين كنت في بطن أمي
كنت أنتظر الفرصة السانحة
كي أخرج
من الظلمة ....الى الظلمة
وحين كنت رضيعا في حضنها
كنت أنتظرُ
و تحت رحمة ِالحِلمة
أرتجفُ ..
قد تقطر ....وقد لا تقطر
أو تجف
وحين كنت في المدرسة كنتُ أيضا
أنتظر
وأنا أستعرض خطأ جدول الضرب
صرخات معلمي
واللعنات
ووقع المسطرة
أو صفعة كف
وللغربة وجوه عدة ........
_من خربشات   على  جدار فاطمة _
========================

لا  تقولي أُحبكَ
ولا  ترددي  كذبة الاخرين
ما  عُدّتُ أكترثُ لنجمة   تلبس  ثوبَ العرسِ
وتكتحل   بضوء العاشقين
ثم  تختبىء
خلف  ستائر  الليل
قبل  بداية  السهرة 
لا   تقولي  أُحبكَ
فقد  مات   وكر  الصدى 
في  تجاويف  الفؤاد
وغار  نبعُ  الحنين 
منذ  حلول  الغزاة 
ومنذ نفوق  آخر  ناقة  لي 
ومنذ   دفنه  حيا 
آخر  شاعر
ربيته  في الحشى .. بيدي 
و بأمر  أمير  المؤمنين
لا  تقولي   لي  أرجوك
لا  تقولي  ...لي   جبيبي 
يا  حبيبي ...يا غرامي  ..ياحياتي 
يا   ...هيامي
يا  روح  الروح  
أحبك   عيني   ...يا  زين  الزين
ثُقِبَ  الطبل  بداخلي  ..والله
ماتت  الراقصة 
وانتحر  الطبال 
وغادر  الجمهور  المسرح 
وبقيتُ وحدي
وااااك  عيني 
أُصفقُ على  فخذيّ
وألطمُ  خدّ وردة  بلاستيكية 
وألحسُ الجدار
لا  تقولي   أحبك  ارجوك 
انتهى  الحوار
=================

=======================


من ثقب الروح تدخل فاطمة
____
لا أعرف من أين أتيتِ وكيف ؟
ومن أي ثقب دخلتِ
وليلي ستائر من الحزن
والمرمر الاسود
وكيف أني من طرقة واحدة
فتحتُ لك باب الريح على مصراعيه
وأشعلتُ لك الشمعة الباقية
منذ رحيل آخر نجمة
عن خيمتي الباردة
الى غيمة في الغسق
وكيف أني نسيتُ
نصف قرن من الموت ..
والجوع والنكبات
فيرقص قلبي
كطفل لطائرة من ورق
وكيف مَدَدْتُ يدي
برغم أصابعي المتعفرة بالتراب
منذ واريت في المقبرة
آخر امرأة وقصيدة في البلد
لا أعرف كيف
غير أني أعرف
أني ككل شيوخ الحزن
والشعر .....والاغنيات القديمة
تحلُّ بهم فاطمة
إن تركوا في الروح ثقبا واحد ا
لم يُسدّْ
_من  خربشات  على  جدار  فاطمة  _
ستة نصوص قصيرة للشاعر التونسي محمد حمدي Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 28 يوليو Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.