شعر تافه ...بقلم هيثم الأمين / تونس



شعر تافه
ـــــــــــــــــــ
أكتُبُ شعرا تافها لا يعرف كيف يستعمل المكواة،
يحدّق في ثقوب سروالي
و لا يرتقها
و يدخّن الكثير من سجائري... دون إذني !
أكتب شعرا تافها
يجعل منّي رجلا يجوب الحانات الرّخيصة
و يضحك!
يجعل منّي قطارا يعجّ بنساء عاريات
و يضحك!
و يجعل منّي رجلا سعيدا
و يبكي!
منذ ربع قرن، و أنا أكتب شعرا تافها؛
شِعرا يفتّش، بين أغراضي، عن أيّ شيء يأكله
و حين لا يجد عندي شيئا
يأكلُني!
أكتب شعرا تافها
لا يسدّد فاتورة شركة الاتصال بالنت،
لا يحمل معه الخبز و هو عائد إلى البيت
و يقبّل زوجتي كثيرا؛
زوجتي التي لا تعيش إلّا في أكواخ شعري التّافه!
أكتب شعرا تافها
يطارد حبيبتي في الحمّام، على الرّصيف
و في غيابها؛
يجعل منها ضحيّتي
و قد يجعلني ضحيّتها؛
يكتبها عارية و يكتُبُني و أنا أجوبُها
و أنا
كلّ ما أعرفه، عنها، اسم و صورة لوجهها!
أكتب شعرا تافها
لا يصلح أغنية وطنيّة،
لا يصلح لقمة عيش
و لا يصلحُ قارب هجرة لا شرعية و لا حبل انتحار!
أكتب شعرا تافها
كلّما أراد أن يلعن العالم بصق على وجهي،
كلّما أراد الغناء حفر مليون خندق في حنجرتي
و يضحك كثيرا
كلّما أتعبتني تلك الخشخشة التي تصدر عن رئتي!
أكتب شعرا تافها
ثمّ أعلّقه، ليجفّ، على حبل أزرق
و حين لا يفوح، منه، عبق جمهور غفير
أعانقه
و نبكي
كتافهين نسيا مفتاح البيت فعلقا على الرّصيف...
شعر تافه ...بقلم هيثم الأمين / تونس Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 21 أغسطس Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.