و لازلتُ أكرّه المنبه ..رشا الشامي / سوريا
و لازلتُ أكرّه المنبه
اعتاد أبي طوال الخمسين عاماً التي عاشها بصحتهِ ..
أن يستيقظ مع بزوغ الفجر ، و يوقظنا ..
كنا نعتمد عليه طوال مراحل دراستنا ..
في آخر أيامه ، عندما أشتد المرض عليه ..
أصبحنا نتأخر عن دراستنا ..
و كثيرا ما كان غيابنا جماعيا ..
تكرر الأمر مرات عدّة ، فإبتاعت أمي لنا " منبها"
اعطته لي لأني الكبيرة ، و لإخفيه عن أبي ..
ذات فجر سمعت صوت المنبه في نفس اللحظة التي طرق فيها أبي ، باب غرفتي ..
اسكته بسرعة كيلا يسمعه أبي ..
لكنه سمع ، و عرف بوجوده
بدليل أنه لم ينتظر أن أفتح الباب، و مضى عائداً إلى سريره ..
سمعت صوت خطواته ،و هي تبتعد
كصوت الطبول ، حين تخفت شيئاً فشيئا
معلنة نهاية حدثٍ ما !
.
قد احلناه للتقاعد دون قصد ..
سلبنا منه ذلك الشعور بالمسؤولية الوحيدة التي بقيت له ب أواخر أيامه
و هو يتحامل على مرضه ، و يقطع المسافة لغرفنا ..
.
توفي أبي ..
لقد استبدلناه بآله صغيرة
لا تكبر و لا تمرض ..
لا يأخذها التعب ، فتتسب في تأخيرنا .
منذ ذاك الوقت والتفاصيل الصغيرة تؤلمني
وتتشبث بذاكرتي أكثر من الأحداث الكبيرة !!
.
مرت السنوات ، ولازلت أكره المنبه .
#قصة_واقعية
ليست هناك تعليقات: