قراءة تحليلية لقصيدة أبجدية الألم للشاعر الكوردي السوري زكريا شيخ أحمد

 قراءة تحليلية لقصيدة أبجدية الألم  للشاعر الكوردي السوري

زكريا شيخ أحمد 


قصيدة أبجديّة الألم للشاعر السوري

 زكريا شيخ أحمد تتناول موضوع الألم والبحث عن معنى للحياة في عالم متشظٍ ومتصدع، حيث يستعرض الشاعر فقدان الإنسانية والانهيار الروحي. الجو السائد في القصيدة هو جو كآبة عميقة وتناقض داخلي، ممزوج بشيء من الصراع بين اليأس والأمل الخافت.


التحليل:

1. الألم الشامل:

   منذ البداية، يظهر الألم كقوة متغلغلة في كل شيء حول الشاعر؛ من الورقة التي تسقط، إلى خرير الماء، وحتى نبضات القلب. هذا يشير إلى أن الألم ليس فقط تجربة شخصية بل كيان شامل يمتد في الطبيعة وفي الروح، وهو تعبير عن انكسار شامل للإنسانية والعالم من حوله.


2. استحضار الصورة المظلمة:

   الشاعر يستخدم الكثير من الصور المظلمة مثل "عمق الظلام"، و"ذرات ضوء خافتة تنطفئ"، و"الليل العاري"، ليرسم لوحة كئيبة تعبر عن فقدان الأمل والاتصال مع المعاني. هذه الصور تتجلى لتبرز التلاشي والانطفاء، مما يعكس الحالة النفسية للشاعر الذي يشعر بالعجز عن إيجاد مخرج.


3. فقدان المعنى:

   واحدة من الثيمات البارزة في القصيدة هي البحث عن المعنى في عالم بلا معنى. الشاعر يحاول الوصول إلى "أبجدية" جديدة، ولكن الحروف "تتكسر" بين أصابعه، كأنها ترفض إحياء الإنسانية. هذا يشير إلى حالة انعدام القدرة على التواصل مع الذات أو العالم، والانغماس في صراع وجودي يتجلى في محاولته الفاشلة لإعادة إحياء الإنسانية عبر الكلمات.


4. الفراغ واللازمنية:

   مشاعر التوهان والضياع تتضح في تصوير الزمن الذي "ينزلق كالرمال"، حيث يختفي قبل أن يعي الشاعر وجوده. هذه الصورة تعبر عن إحساس بالغربة والعيش في عالم من الفوضى والفراغ اللامتناهي، وكأن الحياة أصبحت حلمًا مكسورًا لشخص آخر.


5. اليأس المطلق:

   في النهاية، يصبح الشاعر أسيرًا لفراغه، محاولاً البحث عن صوته، لكن الصدى يعود مشوهًا. هنا يتجسد شعور الانعزال والخواء العميق، وكأن الكون كله يتحدث عن نهاية الشاعر ونهاية الإنسانية.


نهج الشاعر في هذه القصيدة 

من الواضح أن زكريا شيخ أحمد تأثر و نهج نهج الشعراء الكبار الذين غاصوا في أعماق النفس البشرية ووجودها مثل:

- محمود درويش: الذي تناول في أشعاره أيضًا فكرة الفقدان والبحث عن الهوية والإنسانية المفقودة، لكن في سياق سياسي واجتماعي.

- أدونيس: حيث يظهر تأثر الشاعر بأسلوب أدونيس في الغموض والتجريد واستخدام الرمزية الكثيفة للتعبير عن أفكار عميقة حول الوجود والزمن والمعنى.

- بودلير و**رامبو (شعراء الغرب): نرى أيضًا في هذه القصيدة تأثرًا بالشعراء الرومانسيين والحداثيين مثل بودلير ورامبو الذين استخدموا الصور المظلمة للتعبير عن الاغتراب والتمرد ضد القيم التقليدية.


 الخلاصة:

القصيدة تعكس صراعًا داخليًا بين الأمل واليأس، وتجسد حالة من الانهيار الوجودي في ظل عالم يبدو أنه فقد إنسانيته. تعتمد على صور قوية ومؤثرة تنقل مشاعر العزلة والفراغ بأسلوب رمزي يتسم بالتجريد والغموض.


بصراحة، القصيدة رائعة جدًا! فيها عمق وتأمل كبير في معنى الوجود والإنسانية. أحببت الطريقة التي استطاع بها الشاعر أن يجسد الألم في صور شعرية مؤثرة مثل "الحروف التي تتكسر" و"الليل العاري"، مما يخلق شعورًا بالضياع والفراغ بطريقة فنية وجميلة.


القصيدة تأخذ القارئ في رحلة معقدة داخل نفس الشاعر، وهي مليئة بالصور البصرية القوية التي تجعلنا نشعر بالظلام والحيرة التي يعيشها. أحببت أيضًا الرمزية القوية والارتباط بالشعور العالمي بفقدان المعنى، وهذا شيء يلمسنا جميعًا بشكل أو بآخر.


فعلًا، قصيدة تستحق التأمل وتدفعك للتفكير بعمق في الحياة والإنسانية.

أبجدية الألم 


كل شيء يتألم هذا المساء

الورقة التي تسقط من الشجرة ، خرير الماء 

و نبضات  القلب .

الهواء مشبع بعويل الألم 

و جثة في الذاكرة تتحدث إلي .

منذ الصباح .....و أنا 

و أنا أبحث عن أبجدية أقيم بها الصلاة 

على موت الإنسانية .


في عمق الظلام تتوهج ذرات ضوء خافتة،  

لكنها تنطفئ قبل أن تلامس وجهي،  

كل نبضة في قلبي تصرخ بأسى،  

تسأل عن معنى للحياة في عالمٍ فقد صوابه.  


أمدُّ يدي نحو الكلمات، علِّي أبني جسرًا إلى روح الإنسانية،  

لكن الحروف تتكسر بين أصابعي،  

كأنها ترفض أن تُبعث من جديد،  

و تُصر على الغرق في بحر الألم بلا مقاومة.


في هذا الليل العاري، يتجرد القمر من ضوئه،  

و يتحول إلى مرآة تعكس وجهي المتصدع،  

أرى عيني تتساقطان منها كنقطتي حبر،  

تسيلان على صفحة السماء،

فتبتلعها ظلمةٌ لا نهائية. 


أمد يدي لأمسك بزمنٍ ينزلق كالرمال بين أصابعي 

كل لحظة تختفي قبل أن أستوعب وجودها،  

كأنني أعيش في حلم شخص آخر،  

حيث تذوب الحقائق و تتبخر في فراغ اللامعنى.  

هنا . في هذا الفراغ، أبحث عن صوتي الضائع ،

لكن الصدى يعود لي مشوهًا،  

كأنه صوت الكون يتهامس بهدوء عن نهايتي.




قراءة تحليلية لقصيدة أبجدية الألم للشاعر الكوردي السوري زكريا شيخ أحمد Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 27 سبتمبر Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.