أبتاه يا طفلي البريء ..ثناء حاج صالح / سوريا
( أبتاه يا طفلي البريء)
.
ما لِلعُيونِ وَقد نَفَـدنَ عَصيرا
يَرجونَ منكَ إذا اختفيتَ ظُهورا
.
وإذا التَّصَوُّرُ حَلَّ في طَبقاتِها
شَكَتِ المَشيمةُ للجُفونِ قُصُورا
.
كيف اصطبَحتُمْ والنوافِذُ بَعدَهُ
ظمأى فَغَرْنَ لِوَحشَتَـيْهِ ثُغُورا
.
كيفَ اصطَبَحتْم حينَ مَرَّ بِرَكبِهِ
بينَ البُيوتِ ولنْ يُعيدَ مُرورا
.
وَعَلامَ إن سَأَلَ الغَيَابَةَ يُعطَها
رَجُلٌ يُكسِّرُ بِالغِيابِ ظُهورا *
.
وأبي الذي عَرَكَ المَصاعِبَ طَبعُهُ
كانَ المُؤَمِّلَ في المُصابِ بَشيرا
.
كان المُصَبـِّرَ والمُجَبِّرَ كَسَرَهُ
بَصرٌ تَتَبِّـعَ في الكتابِ سُطورا
.
أبتاه ضاقَ العُمرُ عن سَفَرٍ إلى
مُهَجِ تَوَحَّشُ في العِناقِ صُدورا
.
وغدا يمرُّ عليَّ سَربُ حَمائمٍ
ويقول: طيري في السما، فأطيرا
.
هو صادقٌ كالماءِ في بِـلَّوْرِهِ
ومُعَبِّئٌ سَعَةَ الغِيابِ حُضورا
.
أبتاه يا طيراً
تخلِّفه العواصفُ خلفَها ،
لمَّا يزل مكسورا
.
وسِعتْ ضلوعُكَ أمّةً
لمّا اصطبرتَ ولم يسعْ أفقُ المدى
عُصفورا
.
. أبتاهُ يا طِفلي البَريءَ عَجِزتُ عن
قُـبَـلٍ تُعيدُ لراحتيكَ شُعورا
.
ما زالَ يقلقُني ابْتـِداءُ نُحولـِهِ
وأخافُ أن يَنْحَلَّ شَمْعٌ نـُورا
.
ما بالُ نَومِكَ لم يَعُد مُتَـقَـطِّعا
ما بالُهُ افْترَشَ الجُمُودَ سَريرا
.
لا تَتركوا المَطَرَ القديمَ بِصَوتِهِ
يَنسلُّ في جَوفِ التَّراب ِ أخيرا
.
فَبِصَوتِه جَيبُ الشِّـتاءِ مُخَبِّئٌ
بَـيتاً كـَفـَروِ الزَّيزَفونِ وَثـِيرا
.
وَأنا بِفَـروِ الصَّوْتِ أغمُـرُ رَقبَتي
وَينامُ جَفنِيْ في البُيوتِ قَـريرا
.
مُـتَأرِّجٌ منك التُّرابُ وكيفَ لا
يَهفو إليكَ وقد جُبِـلتَ عُطورا
.
وَلَـتُـشتَـهَى سُكـنَى المَقابِرِ مَنـزِلاً
مِنْ بَعدِ ما سَكَنَ الحبيبُ قُـبورا
.
• ظهور: جمع ظَهْر .
.
• رحم الله أبي وغفر له وكفَّر عنه سيئاته وأبدله بها حسنات وزاد في حسناته ورفع درجاته في جنان الخلد وأسكنه الفردوس الأعلى مع الأنبياء والصديقين والشهداء . وحسن أولئك رفيقا. آمين
.
ثناء حاج صالح
Reviewed by مجلة نصوص إنسانية
on
23 يونيو
Rating:

ليست هناك تعليقات: