لعبة مجازيّة الأطراف ..هيثم الأمين / تونس

 لعبة مجازيّة الأطراف

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

لا أنت تكبُرُ.. لا أنت طفل !

كأنّك لا تثور،

كأنّك لا تحزن وحيدا

و كأنّك.. لا تحلم مع الجميع !

عالقا في منفاك/ فيك،

في وجه المدينة،

في الشّبابيك التي لا تناديك بأسمائك

و في أصابع الرّيح 

و هي تتحرّش بفساتين حبيبتك على حبل الغسيل...

لا أنت تكبُرُ.. لا أنت طفل !

كان أخضر دمك

حين كانت قدماك ترتجلان الخطوات في الطّرقات الخاطئة...

كان 

بلا لغة، بلا مفردات.. و لا يسيل

دمك

حين انتَبَهَتْ قدماك لضرورة العناوين

و لامرأة تقف في آخر المسافة...

و كان دمك يعجّ بالغاضبين

و ببغايا يوزّعن طفولاتهنّ و ملابسهنّ الداخليّة 

على أرصفة ذكوريّة الأبجديّة

عندما كانت أصابعك عمّال مصانع

و أطفال قصائد...

لا أنت تكبُرُ.. لا أنت طفل !

شاسع خيالك.. في المحطّات و في الرّحيل

و أمّكَ.. مازالت تربّي أعشاشا فارغة فوق سطح البيت

و على صدرها...

مازالت تقصّ حكايات البنادق على طيورك المهاجرة

و تغنّي وحدتَكَ للمزاريب؛ فتبكي...

كان أبوك راهبا

حين كانت لعبتك مجازيّة الأطراف

و كُنتَ وسيما جدّا.. كطفل !

كم طيرا مهاجرا.. أنت؟ !

كم بندقيّة أنتَ

تُصَوِّبُك نحوكَ.. فَتُردِيكَ شِعرا/ لعبا مجازيّة الأطراف؟ !

لا أنت تكبُرُ.. لا أنت طفل !

ضيّق جدّا.. أنت

كغرفة نوم يزورها متزوّجان لم يتعلّما كيف يكونان سنجابين.. في السّرير

لأنّ الكتب المدرسيّة لا تؤمن بلغة السّناجبْ !

ضيّق جدّا.. أنت

كأحذية اليتامى، كاللّون البرتقاليّ في اشارات المرور

و كثقب الرّصاصة في رأسك !

و ضيّق جدّا.. أنت

ك "كابينة" مرحاض عموميّ

يمارس، داخلها، عاشقان صراخهما المكتوم !

لا أنت تكبُرُ

 فتُدحرج منفاك إلى الأعشاش الفارغة

التي تربّيها أمّك فوق سطح البيت و على صدرها

دون أن تَسقُط، من جديد، فيك

و في أغاني المزاريب

و لا أنت طفل

لتحتضن لعبتك المجازيّة الأطراف

و تـ

    ـنـ

       ـا

          م...



لعبة مجازيّة الأطراف ..هيثم الأمين / تونس Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 05 ديسمبر Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.