"بازل" " Puzzle" . .هيثم الأمين / تونس
"بازل" " Puzzle"
ـــــــــــــــــــــــــ
عندما كنت طفلا
كتبت رسائل كثيرة إلى الله
و لكنّي
لم أكن أتركها في الجيب الدّاخليّ لمعطف أبي
ولا كنت أدسّها في نعل أمّي
أو تحت وسادتي
كما يفعل كلّ الأطفال، في قريتي !
لقد كنت أمزّقها
وأُلقي بها في كيس القمامة !
كنت أعتقدُ أنّ الله، مثلي، يحبّ لعبة "البازل"
و سيحبّ أن يجمّع رسائلي...
أخبرنا المعلّم، يوما، أنّ النّظافة من الإيمان
وأخبرنا شيخ مسجدنا أنّ المؤمنين لا يحتاجون واسطة ليصلوا إلى الله !
كان أبي يعلّمني
أنّ من يأخذ كيس القمامة،
من أمام بيتنا،
يسمّى:عامل نظافة
و بما أنّ النّظافة من الإيمان
فحتما، سيكون "عامل النّظافة" أسرع المؤمنين وصولا إلى الله
لهذا كنت أرسل رسائلي عبر كيس القمامة...
ربّما، كان الله لا يحبّ لعبة "البازل" التي طالبت الله أن يجعل أبي يشتريها لي
وربّما كان عامل النّظافة ينام في الطّريق التي تأخذه إلى الله
ولعلّه كلّما استيقظ
وجد أنّ الوقت متأخّر جدّا ليطرق باب الله
فيعيد رسائلي إلى أبي الذي يكره لعبة "البازل"
فيحرقها أبي حتّى لا تكبر و تصير قصائد
أو أنّ الله قد غيّر عنوانه و لم يخبر المؤمنين بذلك
ففي النّهاية، لا أبي اشترى لي لعبة "البازل" التي أحبّها،
لا أنا صرتُ "سوبارمان"
لأعود من المدرسة دون أن يفزعني نباح كلبة التّاجر العجوز
ولا زميلتي، في الصّفّ، توقّفت عن كتابة الكثير من "أحبّك" على دفاتري و كتبي !
البارحة،
كنت أُطلق رصاص الصّمت على أصابعي المرتجفة.. وأضحك !
كنت أفكّر في كتابة رسالة أخيرة إلى الله
أستسمحه فيها بأن يعيد القطعة التي نقصت من جسدي
و أوضّح له أنّ جسدي ليس لعبة "بازل"
ولكنّي تراجعت
حتّى لا أُتّهم بالكفر
وأخشى أن ينام عامل النظافة، كعادته، في الطّريق
فيعيد الرّسالة إلى أبي
فيحرقها
ثمّ يتّهمُني بـ "الشّعر" !

ليست هناك تعليقات: