نشيد آدم أو أغنية اليوم السادس ( من ٥١ حتى ٧٠) بقلم محمد آدم مصر
[51]
ولأن العقل خالدٌ وكلمته آمرة
ولأن الروح مزدهرةٌ وتشرق على الأرض
كانت الكلمةُ.
[52]
الكلمة الفعلُ
والكلمة العقلُ
الكلمة التى - هى - أساس كل فعلٍ وكل عقلٍ
ولأن كل شىء ناقصٌ
وبلا اكتمال
فكل شيء يخرج من الكلمةِ
مثلما يخرج النور من الظلمةِ
وتنبثق الظلمة من الفجرِ
لا شيء يفنى بالكاملِ
ولا شيء يموت
بالضرورة
كل شىء يتحول ويتغير
- إنه التحول الذى يصيب كافة الأشياء -
ولأن العقل خالد وكلمته آمرة
كانت الكلمة
الكلمة الفعل
والكلمة العقل.
[53]
النور والظلمة
الخير والشر
الفعل
واللا فعل
المادة والحس
الإدراك
واللا إدراك
أن توجد يعني أن تفعل
أن تقترب من حقيقة الفعل واللا فعل
- هو الهدف النهائى للوجود
والحسِّ
من حقيقة الكلمة الواحدةِ
الكلمة الحقة
والأفعال الجمة -
من يعرف حقيقة الروح
من يدرك عمق الكلمة
من كان هناك ليقول
من رأى منكم ليحدِّث
الكل فى العتمة
والظلمة مدوية.
[54]
درت فى كل اتجاه
وقرأت كل شىء
الطبيعة وما جاورها
العالم وما فيه
الشهوة
وفقدان البصيرة
- فوجدت أن الكل باطل -
الكل فى الواحد
والنور فى الظلمة
والظلمة فى النور
الكل واحد
لا ينقسم ولا يتجزأ
ولأن الطبيعة عاجزة أحياناً
ولأن الروح عمياء دائماً
تهت فى الطرق
الذهاب في الإياب
والإياب فى الذهاب
كل الطرق متشابكة
و
لاشىء.
[55]
سألت عن كل اسم
وما هى طبيعة كل حرف
فما وجدت أى شىء
فقدت يقين نفسى وامتلأت بالضلال
أنا المنقسم ضد الله
وضد العالم
ليس لى من طريق واحد لأسير فيه
وليس لى
من هدف أكيد
لأعرفه
لا يقين لى لأتشبث به
لا حول
ولا
قوة
كل الطرق متشابهة فى عينى نفسي
وطرق الربِّ كثيرة
ووعرة.
[56]
أن أحس بالشىء ونقيضه فى نفس اللحظة
أن أكون المرئى واللا مرئى فى نفس الوقت
الرؤيةُ
والفهمُ
الوضوحُ
والحقيقةُ
الحكمةُ
مجد كل الأشـياء
من يمسك بيدي الضريرتينِ
عن العمل؟!!
[57]
كل الأشياء تتحرك واللا كائنُ وحده ثابت.
[58]
أريد أن أستعرض كافة المبادىِء
أريد أن أحس كافة الأشياء
أريد أن أختبر كافة اليقينياتِ
كيف أجعل بدنى يفهم وروحى تحس
أنا الثابت
والمتحرك فى نفس الوقت
العاجز عن الفعل
والفهم
فى نفس اللحظة
لا قدرة لدى لأقعد وأتأمل.
[59]
لا طاقة لدى لأنتسب إلى حقيقة العشب هذه
هذا هو يقين كل شىء
- كل الأنهار تجرى إلى البحر والبحر نفسه ليس بملآن -
جسدى أكبر من روحى
وروحي أكبرُ من العالم
جسدى حدُّ اللغة وحد العالم
آه يا روحى التى لا تنتسب ولا تتسع إلا لجسدى
أريد أن أضطجع
وأنام
أحلم وأتأمل.
[60]
ما هى حقيقة الأمور بالفعل
ما الذى يحدث فى الحقيقة
فهمٌ
ولا رؤية
معرفة
ولا أملْ
الجسد فى الشكلِ
والشكل فى الطاقة
الشكل
والطاقةُ
هما هما كل شىء.
[61]
الخالدُ
لا يتلقى عن الفانى
والفانى لا يأخذ عن الخالدِ
- كل الأنهار تجرى إلى البحر
والبحر ليس بملآن -
أية حكمة فى الموت
أية صيرورة فى الأبد
والأزل
نقطة البداية هى
هى نفسها نقطة النهايةِ.
[62]
ولأننا
نريد الخير عاجلاً أو آجلاً
ولأننا لا نتأثر إلا بما هو إلهى وخالد
نسير فى الشوارع المطهمة بالألم
نقطف الشر كما نفعل الخير
- ومثلما نقطف نباتات العليق المزدهرة -
نحصد الندم بأظافرنا التى يبكُّ منها الدم
هذا الحسك غذاؤنا اليومى
لا خبزٌ
ولا خمر
الإناء فارغٌ
والماء شكل الإناء
وها نحن نسير فى المتاهة
بقدمين
فارهتين.
[63]
فعلنا الشر
لأننا لا نعرف أين هو طريق الخير الخالص
وبحثنا عن الخير الخالص
لأننا سئمنا طرق الشر كلها
الخير
والشر
متكاملان
ما من خيرٍ خالصٍ
ولا من شرٍ
أكيد.
[64]
العقل فى الله
وعلى الإنسان
أن يدرك حقيقةَ وجوده
العقل يمتنع عن الألم
والألم يمتنع
عن الحسِّ
والعقل
لا يمكن لقوانا الداخلية أن تنحل
ولا يمكن لعيوننا أن تهدأ
هذا الفساد غير قابلٍ للفهم
الرؤية فوق المعرفة
والمعرفة أبعد من
حقيقة الرؤية.
[65]
كيف أطأ هذا الهواء الذى يتكدَّس
تحت قدمى مثل كومةٍ
أسير ولا حركة
أقوم ولا فعل
منذا الذى يشاركنى الرغبةَ فى الفعلِ والفهم؟
منذا الذى يقاسمنى الأمل
فى المعرفة
والحسِّ؟
وها هى حدائق الموتى
تعلو!!
[66]
أنا النملة الواثقة التى تبرر الزمن ولا تسأل
أنا الليل ذو النجوم الدفاقة فى الأفق بقبعاتها الصفراء
لا أعرف ما هو اليقين حقاً
ولم أعد أبحث عنه
أجفف أنهارى بشفتى المندلقتين كالملح
وأفرك الزمن بين يدى
كالعصارة
وأقهقه مثل الرماد
المنبتِّ
لا حس ولا حركة
لا رغبة
ولا سلام
فقد اليقين ذاته
وانتصبت أوائل الشهوةِ
انظر...!!
ماذا يفعل كل أولئك الموتي؟!
[67]
سرت فى كل اتجاهٍ وما رجعت
دخلت فى مغاليق الجبال وما خرجت أو دخلت
حصدت كل ضوء شارد أو واردٍ
وما أبصرت
صعدت إلى معاصم الأفق
وما رأيت
لا شىء يكون..
كل ما هو كائن سوف يكون
كأن الأقلام رفعت
وكأن الصحف
نشرت.
[68]
ها أنذا أتمدد فوق حصيرة المخيلة إلى ما لا نهاية
أنا الوهم المختلط بالحقيقة
والحقيقة المختلطة بالوهم
أتحرك
ولا أحس بالحركة
أشعر ولا أدرك سوى السأم
لا أبلغ الموت
ولا أقترب من حقيقة الحياة
أبصر في اليقظة ما أراه ماثلاً فى النوم
لا شىء يبقى على ما هو عليه
الموت يقابل الحياة
العدم سيد الحقيقة بلا منازعٍ
الوجود - نفسه - وهم
والعالم مجرد خيال
ما من شىء يستمر إلي ما لا نهاية
كينونتى تتلاشى
وبدنى يضمحلُ
وها هي الروح تغزو.
[69]
ماذا أفعل بكل هذا العدم الذى يتكدَّس
ماذا أفعل بكل هذا الفراغ الذى يمتلىء
حدة الضوء تخبو
أصفِّر فى الخلاء الضخم لأطرد كافة الكوابيس - عن نفسى - التى تقشعرُّ
أقعد على الأرصفة المعادية
لألهو بغيمة تعدو
كيف ألملم كل هذه السموات الشاهقة - فى جيبى - وأتأمل النسيان مثل حشرةٍ؟
آه
يا ثمرة اليأس المعطوبة
غداً..
سوف تأتى الظلمة المعادية لتبتلعنى..
وأنا أقهقه قهقهة الرماد المنقعر.
[70]
أتمدد علي الأرصفة فارداً ذراعىَّ
- وها أنذا استنشق هواء الوحدةِ السامَّة -
هذه الوحدة جننتنى
تتمدد بجانبى
وتنام تحت رئتى مثل ذئبةٍ
هذه الوحدة
المجنونةُ العالمةُ المتأملةُ الهاديةُ النبيلةُ الجبانةُ الخربةُ الهشةُ الرثةُ الضعيفةُ الهالكةُ
المتهالكةُ
العاريةُ
الغاويةُ الهرمةُ
الرنانةُ الطنانةُ
ما هو الزمن
والوحدة طائر أخرس؟!
نشيد آدم أو أغنية اليوم السادس ( من ٥١ حتى ٧٠) بقلم محمد آدم مصر
Reviewed by مجلة نصوص إنسانية
on
27 فبراير
Rating:
ليست هناك تعليقات: