دمعة و ضحية بقلم صالح عقل أحمد المحارمة الأردن



هذا ما تم إيداعه من شمال أفريقيا إلى جسد هذا الطفل الذي يدعى مايكل، اللعنة التي أقامتها مجموعة من السحرة المختصين في السحر الأسود، تلك اللعنة التي وضعوها في هذا الطفل عندما أتت عائلته إلى شمال أفريقيا للسياحة، إنه سحر أسود فريد من نوعه يجعل من هذا الطفل مميزا جدًا، فكلما كان حزينا ونزلت دموعه قهرًا يموت شخص عزيز عليه، يا إلهي! كيف سيعيش هذا الطفل مع هذه اللعنة الصعبة.

في الثالث من فبراير، كان مايكل ذو الثمانية عشر عامًا، يلهو في تلك الحديقة التي تدعى بخطوات الجنة، فضاء كبير من الأشجار المزهرة بألوان عجيبة، الأخضر سيد المكان، والموسيقى الطبيعية تعلو في كل جزء منها.
راح مايكل وحواسه ترقص من جمال المكان بقراءة كتاب إسمه موت مقابل حياة، كان يفكر به بشكل رهيب، وكان يقرأه بتمعن شديد؛ لأن الكتاب كان في غاية الحزن، وعند إنتهائه من قرائته إجتاحته سحابة سوداء من الحزن الشديد على موت بطل القصة وراحت دموعه تتساقط من غيوم عينيه الزرقاء. وبعد ما إنتهى من البكاء ذهب للمنزل لينتهي يومه بموت شقيقته الصغرى ماري.

لقد ماتت شقيقته في حادث بالشارع، ومات قلب مايكل عليها وتم العزاء بشكل محزن جدًا، بعد موت شقيقته كان مايكل حزينًا جدًا وصامت طوال الوقت، وفي إحدى الليالي الممطرة، كان مايكل يتصبب عرقًا وهو نائم، ويراوده كابوس غريب جدًا وجعله ينهض من النوم بسرعة، وكان قد حلم بتلك اللعنة التي ألقيت عليه عندما كان طفلًا، وأنه سيموت أربعة أشخاص يحبهم جدًا كلما بكى، والسبب الذي جعله يصدق هذا الحلم هو وفاة شقيقته عندما كان يبكي بسبب الكتاب الذي كان يقرأه، لقد حُكم على مايكل الآن أن لا يحزن طوال عمره خوفًا من أن يفقد أحبائه وهما والداه والشخص المجهول.

بعد مرور عامين على وفاة شقيقته كان مايكل قد تحمل أحزان وآلام كثيرة ولم يبكي، لقد كان رجا بمعنى الكلمة، لكن ما قد تم ولم يكن بالحسبان هو إنفصال والديه عن بعضهما، مما جعل مايكل في أمر صعب جدًا وكان هذا الأمر حزين جدًا، فلم يستطع مايكل أن يتحمل هذا الأمر، لكنه كان قوي ولم يبك، وبعيدًا عن معاملة والده له، فكان دائمًا ما يقول له أنه كالفتاة وأنه ليس رجلًا، وكثيرًا ما كان يضربه ويهينه، وأيضًا ذلك الأمر الذي قتل مايكل من الداخل وهو رؤية والدته وهي نائمة مع عشيقها، وزواج والده من إمرأة سيئة، لقد مات مايكل من الداخل وكسر قلبه ولم يبك خوفًا على والديه.

بعد مرور عام على الطلاق، كان مايكل قد ارتبط بفتاة رائعة وكان يحبها جدًا ويقدرها، وفي إحدى الليالي كان يتكلم معها على الهاتف كالعادة، ودخل والده فجأة وسمعه وهو يتكلم مع حبيبته ونعته حينها كالعادة بالفتاة، وبعد خروجه قال لحبيبته بأنه يكره والده كثيرًا وبدأ يقص عليها قصصه الحزينة، من الطفولة حتى المراهقة، وبدأ قلبه بالخفقان بسرعة وبدأ يرجف ومن دون سابق إنذار أمطرت سماء عينيه بقوة كبيرة جدًا، وكأنها أمواج تسونامي العاتية، لم يستطع مايكل أن يحبسها بعد تذكره لأحزانه... وفي الصباح الباكر كانت أمه قد فراقت الحياة.

لم يبك مايكل على موت أمه خوفًا من أن يفقد أخر شخصين في حياته أبوه والشخص المجهول الذي لم يعرف من هو، لقد كتم في قلبه حزن وفاة والدته، وبعد مرور يومين حدث شجار عنيف بينه وبين والده بسبب زوجة أبيه وضرب الأب مايكل بشدة، وبدأ مايكل بالبكاء وهو يتلفظ بكلمات إمتزجت مع البكاء والزعيق المبكي للسامع، أنت لا تحبني يا أبي، أنت تكرهني بشدة وتضربني دائمًا وتنعتني بالفتاة، أنت لا تحبني يا أبي.
وأخرج سكينًا من المطبخ وطعن بها أبيه ومات، لقد مات الشخص الثالث ولم يبق سوى الشخص المجهول

دخل مايكل لغرفة أبيه بعدما قتله، وقرأ مذكراته كلها وأنصدم بها، لقد كان مايكل كاتبًا ووجد في مذكرات أبيه أنه سيطبع لمايكل كتابًا بإسمه، وأن سبب طلاق والديه هو مايكل نفسه، وأن موت شقيقته كان بسبب مايكل لأنه لم يذهب لإيصالها للمدرسة، وسبب موت والدته أنها أصيبت بجلطة بسبب بعد إبنها الوحيد عنها، ولم يكن يزورها أبدًا، وسبب موت والده هو قتله له، بعدما عرف كل هذا مايكل إنهار باكيًا وبعدها فارق الحياة بحسرة كبيرة جدًا.

لقد كان مايكل هو الشخص المجهول.
دمعة و ضحية بقلم صالح عقل أحمد المحارمة الأردن Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 17 فبراير Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.