صلواتٌ في مِحرابِ النِّسيانِ بقلم بله محمد الفاضل السودان



🔷
أُحِبُّكِ.

🔷
خمسُ مسافاتٍ يغُصنَ بالرُّوحِ في التّضادِّ
إن رافقتَ واحِدةً
كسرتَ شوكةَ اللَّيلِ
وغضَّ الشَّللُ بصرَهُ قلِيلاً
فما بلغتْ؟
هل اِقتربتْ وردتُكَ من الشَّارِعِ، حطَّ طائِرُكَ على المجرى؟
هل رتَّلتَ وِردَكَ من آياتِ الغُصُونِ، جرحتَ المطرَ بِبرقِكَ؟
...
زِدْ من مسافاتِكَ مسافةٍ لِلبُلُوغِ
زِدْ في بُلُوغِكَ درجاً تصعدُ عليهِ إلى سمواتٍ عاشِرةٍ
إلى بيتِ الضِّياءِ، اِحتمِلْ نارَ المسارِ، اِحتمِلْ عُزلتَك.

🔷
أُربِي سِتَّةَ عصافِيرٍ في جيبِي
لِكُلِّ عُصفُورٍ
عُشِّهِ
وذاكِرتِهِ
وحبِيبتِهِ المُشاكِسةِ...
لِكُلِّ عُصفُورِ ضِحكتِهِ المُجلجلةَ
واِنحِناءاتِهِ
حين يعبرُ إلى شجرةٍ تُسمّى قلبِي
وحِين يُنقِدُ نبضِي
أطِيرُ إلى الحدِيقةِ وأدعَهُ
لِيقتاتَ قُبلاتِها الزَّرقاءَ...

🔷
أيُّ قمرٍ سلَّمتْ عليهِ
تحوَّلَ إلى تُرابٍ في يدِي، النُّجُومُ لِمسامٍ، والمطرُ لِاِبتِساماتِ أصابِعٍ....
ثم اِحترقتُ.
سأصنعُ لي إذن إِيماءاتِ سلامٍ
وأدعُ ما لكِ
لكِ.

🔷
يُسمُّونَها: اِمرأةٌ، أُنثى
وحِين تخطُرُ على بالي، ههههه: وهل غابتْ عنه؟
تجِيءُ مُسمَّاةٌ: طُوفانٌ، غابةٌ، حدِيقةٌ، عصافِيرٌ، مداراتٌ، قوسُ قُزحٍ، بحرٌ، نهرٌ، رُمحٌ، شوكةٌ، حنِينٌ مُزلزِلٌ... الَخ
لِكُلِّ واحِدةٍ مِمَّنْ يخطُرنَ
........
...
أأنا في خطرٍ؟

🔷
لديَّ طرِيقَةٌ أستخدِمُها، وأنجحُ في رفعِ حقلِ نزقٍ إلى قلبِ اِمرأةٍ تغمُرُ الرُّوحَ بِخِفَّتِها،. ذاتُ الفِكرةِ مُقوَّسةُ الظَّهرِ تتقافزُ بين أصابِعِ ذِئبٍ هرِمٍ وترتجِفُ بِمخالِبِ قِطٍّ برِّي....
أن أَقدمَ ليلةً مطْبُوخَةً على نارِ مِزاجٍ شرِسٍ إلى الذَّاكِرةِ.

🔷
قلبي صخرةٌ ضخمةٌ سقطتْ على طميٍ ساخِنٍ، ورغم جرَّافاتِ الأسى والحربِ المُستعِرةِ على النَّبضِ، رغم حفلاتِ شويِ الأحاسِيسِ... الخ
لم يُدحرِجْ الصَّخرةَ شيءٌ نحو الأعلى.

🔷
دعِينِي في أخِيلتِكِ القصِيّةِ
أُرتِّبُ فوضايّ
فينامُ الأُفقُ.
دعِينِي أُضرِمُ عِشقَكِ بكفيّ
وأُناوِلُكِ نظراتَكِ الماشيةِ في دَمِي.
دعِينِي بُرهةً من أسرِكِ في أسرِكِ
أكُنْ أعمى، أعنِي
فلا يرانيّ إلاكِ
ناهضاً بنبضِكِ على البُرءِ
والأخيلةِ التي تنطُّ في البراحِ.
دعِيني
اوثِقُني في سِربِ الفراشاتِ
لمُعاقرةِ أخيلتِكِ..!!

🔷
لم تزلْ يدِي عمياءَ
خُطُوطُ خطُوِي العدمُ
لم تزلْ ترعى دمِي النّارُ
يُشهِّرُنِي للمسافاتِ الشّجنُ.
......
قال الشّارِعُ لِلدّمعِ.

🔷
خبيئني أيها الشّارِعُ
يُطارِدُ عسسُ الكلِماتِ أخِيلتِي
وأنا أطرُقُ بابَ بدنِيّ المُوصدِ بِالجِراحِ
ﻷِغلِقَهُ من شيطنةِ اللّيلِ..!!

🔷
في اِنتِظارِها
يرفعُ الشّارِعُ لافِتاتَهُ
يُطفِئُ بهرجِهُ الرّائِقِ
تتلمّظُ الرِّياحُ كُلَّ كوثرِ الكلامِ
في اِنتِظارِها
تلك التي تأتِي دائماً قبل وقتٍ كافٍ
من الاِنتِظارِ
لاِنتِظارِها.

🔷
أنه الشّارِعُ
مثل قُبلةٍ
نسجَ اللّيلُ تراتِيلَها
على نحِيبِ الشُّموعِ
ووشتْ بها لِلجُمُوعِ
أضواءُ الشِّفاهِ الضّاجّةِ باﻷثر*..!!
"* أثرُ القُبلةِ: شارِعٌ يتأبّطُ نزقاً وحانةً"

🔷
علِيلٌ قلبُ اللّيلِ
فمُرِي بِالنّظراتِ على كفّيهِ
يُضِيءُ..!!

🔷
فلما كان زُورقِي لا يقُوى
على مُغادرةِ شاطئيكِ
راحَ الماءُ يشغلَهُ بالغرقِ.

🔷
بحرُ الزُّجاجِ
------------

ذاهِبٌ لاِلتِفاتةٍ اِنتظرتْ أن أتبعَها مِثلما يفعلُ نورسٌ مع سفِينةٍ
أتَّبِعُ بِدِقَّةٍ إِرشاداتِ ذِئبٍ لِنظرتِي المُباغِتةِ^
بلى، إِزاءُ الحدسِ المناوِرِ، القلبُ قارِبُ النَّبضِ...، وتكرِيسُ الاِنتِباهِ لِلحظةٍ، ما من بُدٍّ لِلفرائصِ^
كانت من اِبتِسامٍ مُشاكِسٍ، من غنجٍ طرِيٍّ وأنهارِ عِطرٍ...، و
لكني
كُنتُ أتبعُ خُطُواتِ ظِلَّي
وقد شرخَ الشَّارِعُ ساقَهُ اليُسرى
ثم ساقَهُ لِقَاعِ بحرٍ من زُجاج.

🔷
حقلُ الزُّجاجِ...
--------------

😢
هل كان لزاماً عليّ أن أكتُبَ؟
كان من المنُوطِ بِي أن أكُونَ عاشِقٌ فقطْ، أُغنِي لِحبِيبتِي على صدرِي، أعزِفُ على أصابِعِهَا وشعرِهَا، أُقبِلُهَا...
وهي بِالحقِّ مُمعِنةً في صدِّي.
كان من المنُوطِ بِي أن أجُنَّ
وإلى ما قبلَ خلقِ الأكوانِ أحِنّ
أتحوُّلُ في اللّيلِ إلى قِطٍّ
وأتكوُّرُ تحتَ أيِّ سقفٍ آمِنٍ.
كان، ولكِنّمَا القلمُ
والألمُ
والجِنُّ.

😏
أنا حقلُ خفايَا
والذي إن صادفتَهُ لقُلتُ:
أعرفَهُ، أنّهُ ذاكَ الرّجُلَ الذي لم يقُلْ حِكايتَهُ قطُّ
فيتهكّمُ المُنطوِيُّ جِوارَكَ، ظِلُّكَ، ويحدِجُكَ بِنظرتِهِ السّرابِ
ويمشِي نحوِي عنكَ
فأنا الحقلُ.

😴
البارِعُونَ سيُلِمُّونَ خطأً
بِغرقِي في الوُجُودِ العبثِيِّ
والمُلِمُّونَ بِبراعةٍ يغرِفُونَ لِي الشّتائِمَ مما لم يكُنْ لزاماً عليّ عينَهُ
وأنا حقلٌ بارِعٌ في الشّجرِ
اِمتصُّ بِإِسفنجةِ النِّسيانِ حتى ما ينثالَ من بين أصابِعِي
وأُقسِمُ
ليس ثمّةَ ضوءٌ، ولم يكُنْ هُناكَ نفقٌ.

😉
على أيِّ حالٍ
تذكرِي بأنِّي ليس لِسانٌ وإنما قلبٌ
ليس قلبٌ وإنما قُبلةٌ
ليس قُبلةٌ وإنما عِناقٌ
ليس عِناقٌ وإنما حنِينٌ
حنِينٌ أجلْ، وذاكِرةٌ مشغُولةٌ بِالفراغِ العظِيمِ، حيثُ لا شيءٌ، لا مسافةٌ، لا حُبٌّ، لا جِدارٌ، لا أثرٌ
واللّيلُ لِليلِ على أرقِي اِنكسرَ.

😋
.....
ناوِلِينِي قُبلةَ الزُّجاجِ
والكأسَ.

.....

أنتهى.
7/3/2018
صلواتٌ في مِحرابِ النِّسيانِ بقلم بله محمد الفاضل السودان Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 07 مارس Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.