نهر المدينة الغامض بقلم هيثم الأمين تونس




تَضِجُّ المدينة بالأسئلة!
كأسراب الجرادْ
تلتهم الأسئلة كلّ مسامع المدينة
و الكلُّ يسألْ
نفس السؤال تقريبا:
من أين جاء النّهر
و لا عيون للجبل البعيد؟!
فجأة، جاء النّهر
دون مراسم استقبال رسميّة
و دون أن يرسل طلب عبور!
هكذا صرّح رئيس البلديّة.
رئيس الشرطة
يتوعّد المسؤول عن جَرْحِ وجه المدينة
من أجل إحداث مجرى للنّهرْ
و يصف بالعمل الإرهابي تشويه وجه المدينة!
في قاعة مغلقة،
في قلب المدينة،
اجتماع طارئ لرجال الأعمال و المافيا
من أجل التّخطيط لمشاريع مربحة على ضفّتيْ النّهرْ!
في الحانة،
كلّ السّكارى متّفقون أنّ الجبل شرب الكثير من الجعة
و أنّ النّهر بول الجبل!
مجنون المدينة يضحكْ
و الأطفال يركضون على ضفّة النّهر
أمّا الصبايا، في خوف واضح، يتساءلن:
ماذا لو قرر حكماء المدينة أن يهدوا عروسا للنّهر؟!!
مجنون المدينة يضحكْ
و شاب مغامر ترك ظلّه على ضفّة النّهر
ثمّ قفز فيه ليتعلّم السّباحة!
مجنون المدينة يواصل الضّحك
و امرأة تُرضع طفلها فنّ الإبحار تتساءل:
و لكن، أين ينتهي النّهر؟!
فتجيب شجرة: لا نهاية للنّهر!
يضحك مجنون المدينة
و تصل برقيّة من جثّة الشاب المغامر:
ماء النّهر مالح
أو، ربّما، بمذاق الكثير من الألوان!
يصرخ مجنون المدينة:
سلوا النّهر من أين جاء!!!!
فتضحك مزاريب المدينة
و تعلن:
هذا النّهر أخرسْ!
فيبكي مجنون المدينة
و يهطل من جديد نفس السّؤال:
من أين جاء النّهر و لا عيون للجبل البعيد؟
تسأل طفلة، تحمل دمية مبتورة الأطراف: أين مهرّج المدينة؟!
فتتساءل المدينة: أين المهرّج؟!
و يجيب العسس: رحل ليلة البارحة!
يردف الرّصيف: كانت خطواته خفيفة جدا من الوحدة!
يقول حطّاب: رأيته يتّجه صوب الجبل البعيد!
توشوش عصفورة: رأيته هناك، كان حزينا جدا!
فيقهقه النّهر
و تظهر في الحشود امرأة غريبة
تعلّق على صدرها قلبا مزركشا
تقف بين الحشود
تمسح على القلب المزركش فيبتسم
و يتمتم القلب المزركش:
النّهر دموع المهرّج
و المهرّج سافر مع حزنه إلى الأبد!!
نهر المدينة الغامض بقلم هيثم الأمين تونس Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 03 مارس Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.