مات القطار بقلم محمد حمدي تونس


الليل أصداء أنين بعيد
وتجاعيد …
أشجان وحيد
ووجوه العابرين ..مداخن للصمت الحزين
والشفاه
تطبق فوق الشفاه
وترص بعضها
وتمص لفائف العطش …تمص
والحرقة …تبغ الانتظار
متى يأتي القطار ؟
متى …….
يأتي القطار ..
بعد ساعة يقول موظف بنصف وجه
وشبه عيون تحت النظارات
يطل من الشباك
في محطات القطارات القديمة
ينتابني التفاؤل فجأة
لليل طعم الثوم وعطر البصل
غير ان الحزن الدائم سيد الموقف
السيدات الكبيرات في السن
جميلات ..شهيات
والاطفال على افخاذ امهاتهم ورودا
وزهر لوز ومشمش ويازول وكراث
والرجال ..رجال
يجعلونك تتشرف بالانتماء الى أكوام لحم الوطن
وتعبق منك روائح الخمر البذيء بكل فخر
***
الليل أصداء أنين بعيد والمحطات مفغرة الافواه
المصابيح أرهقها السهاد
فنامت
عجوز في الستين تقشر بيضة
تمدها لي أمد يدي
تقول : الله غالب ماعندي ملح
_لا يهم شكرا لك ياخالة
وأبتسم فتبتسم
وأبتعد ………..رائحة الكحول تخجلني
أكثر من رائحة الجسد
وشعر الابط المتعفن
والعرق
والجورب النتن
روائح الكحول حين تعبق في الهزيع الاخير من الليل
لا تضاهيها الا رائحة البلد
***
متى يأتي القطار
مضت الساعة ولا عويل يهز سكة الحديد
ولا ارتعاشات تدب في مفاصل القضبان
ولا انين الجدران يبشر
….
الان أخاف ان يغمرني الجنون
سأدخن
سأشعل احزاني من جديد

يصرخ رضيع في حضن امه لابد أنه حلم بليد
أيقظه في هذه الساعة
أبتسمُ
ياعنيد …أيبكي من ينام على الافخاذ
ويضحك من يفترش قضبان الحديد
تُخرج له امه رضاعة بلاستيكية
يسكت الطفل ويتحطم حلمي في رؤية ثدي حقيقي
في هذه الليلة الشتوية
…!
وأعود للانتظار
كدت أسخن لكن الطالع والحظ والبخت ..قفار
ومرة اخرى يطل موظف المحطة بنصف وجه
ونصف عين وبلا نظارات
لن يأتي القطار
يخبرنا ويغلق الشباك
والليل أصداء أنين بعيد
وتجاعيد …
وأحزان
ومن خلف الشباك يلبس النظارات ويتمتم
لن يّأتي القطار لن يأتي القطار
القطار مات
مات القطا
مات القطار بقلم محمد حمدي تونس Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 10 أبريل Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.