ورد على كف عفريت شامت بقلم مصطفى الحناني المغرب


بعيون من رماد السماء
بلا ماء ولا بلل شفيع
يجف حوضها وتتقلص الساعات في ذبول عيونها
تلك الوردة الغافية في كف عفريت من الجنون
هنا
على رصيف من سديم القهر
يعلو ثاني أوكسيد كربون حناجر الناس
يتكاثر كالطاعون أو الملاريا
يشنق أعناق الهواء
يصيبه بداء السل كالسجين
ويلوي أمعاءه الفارغة
إلا من مغاصات تاريخ يشوى على كذبة هادئة
ويسرف في ربط الوهم بالذاكرة
يضم قبل النوم بدقائق صورته المعلقة
على صدر جدار فكرة قابلة للسقوط
لكنها الحقيقة الوحيدة التي ورثها عن أمه وأبيه
يضحك ويبكي
على أنغام أغنية منسية في رف من غبار
يبكي ويضحك
معانقا وسادة خالية تماما من الروائح
كمثل حاويات القمامة بشارع للنبلاء في العاصمة
وفي الصباح
يحلق بما تبقى من روائح بخور أمه
ذقن كوابيس غابة
نمت حوله صدفة
كحاوية من فخار الحنين
متنكرة في قميص نوم حلم مجزوء
كأحراش أعواد الدفلى على جنبات واد وحيد
يمشي نحو مصيره المجهول
كالماء في شعاب الصحراء
بلا هوية ولا بطاقة بنكية
يوصد أبواب الحياة خلفه
ويمضي
يمضي كشجرة لا تعرف أي شيء عنها
سوى إنها
تنشط هواء دم الساهرين بمصل الأمل
جرعة ،
جرعة ،
كحقول الفراولة بالأندلس
تبكي له أمهاتنا لتجمع له غيما كثيف الشهقة
يتمتن في صمت غريب
ماء
ماء
أيتها الأرض الزانية بمؤخرة الريح
كفي عن رش الملح على شفاهنا المشقوقة
ماء
ماء
كل صباح يرفع الورد أكفه بين أصابع عفريت
ويطيل النظر في عين الشمس
سائلا إياها عن قمر غاب مسكه
وعن غيم السماء وربها
وعن سبب واحد
يقنع كل هذا الألم
بأحقية الورد في الحياة
أما من نبي يوصل دعائي إلى هناك
هناك
حيث كنت بذرة خضراء في طين الوجود
قبل أن أتشظى على رصيف مظلم
يسيطر على سيره كف عفريت
عفريت كشتاء بارد
يصفع بيد واحدة خد صرصار
بوتر الكصيص
يرتق ثقوب كمان من ضجر كسل وفير
...............
فيا نمل الله
النامي في صوت السراب المريح
طل علينا - لا تكن شامتا -
ولا تطل الغياب ...
ورد على كف عفريت شامت بقلم مصطفى الحناني المغرب Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 28 مايو Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.