مَوْتُ ثَوْرِ الكُورِّيدَا* الإسباني بقلم محمد خلاد المغرب

في الليلة الأخيرة
من العام الماضي
تراءتْ له تُخومُ النهاية
أضواءُ ذكرياتِه انطفأتْ تِباعاً
لمَّا وصلتْ عقاربُ ساعةِ القِيَّامة*
إلى دَقَائقَ قبْل مُنتصفِ اللَّيل

تَوَالتْ عليه مِئاتُ
الرسائلِ النَّصِية القصيرة
تهنئه بالعام الجديد
غاب عن أصحابها الطَّيِّبين
أنه صار عارِيًا مثل شجرة ذابلة
في فصل الخريف
وأن كارثةً كونية وشِيكة

تدْفعُه رياحٌ سوداء
ويَجْرفه قلقُ انفلاتِ الزمان
كلُّ دقيقةٍ تمضي
تكْبُر ترَاجِيديا العالم
وتتَّسِعُ هواجسُ أزْمةِ المَعْنى

لايَدْري لماذا هُو هنا
في هذه الأقْبيّةِ المظلمة
ولماذا عُذِّب كل ذلك الوقت
قيل له: إنَّنا نَحْميك من نفسك
قبل أن تضل بك
خطواتك في طريق الضباب
وتبتلعك الفوضى
ستعيش من الآن بهوية سرية
مثل الكائنات اللامرئية الأخرى
فقد تجِدَ لما تبقَّى منك جدْوى

ألْبَسُوه رِداءَ تِنٍّينٍ أزرق
ووضعوا على وجهه
العديد من المساحيق
وقالوا له هذه صورتُك المتبقِيَّة
ستشعر أنَّكَ ظِلٌّ لشيْءٍ ما
في عالمٍ يسير نحو الجحيم
ولن تكون بعْد اليوم
غير أُحْجِية للأطفال

وقف المُخْرج صائحا:
لم يَبْقَ منك شيْءٌ يُدْفن
وشُخُوص مسرحِيتِك فقدَتْ صوابَها
وأتْلفَتْ كلَّ الديكوراتِ الجميلة
هَيّا أَسْدِلوا السِّتار
ربَّما نَحْتاج إلى نصٍّ آخَر
فلقد فاتَ الأوان في الماضي
كما في المستقبل
وفَقَدَ العالمُ قناعَ وجهِه
وبَدَا وحشاً مُثْخنا بالجراح
مثل ثَوْرِ الكُورِّيدا* الإسباني
يُواجهُ طَعْنةَ السَّيْفِ الأخيرة
———-
* ساعة القيامة : ساعة رمزية وضعها علماء الذرة في شيكاغو عام 1947 وهي مضبوطة على حركة سباق التسلح النووي والتدهور الإيكولوجي فكلما ازدادت وتيرة هذا السباق والتدهور كلما تحركت عقارب الساعة نحو منتصف اللَّيل .وقد توقفت عقاربها هذه السنة 2019 على بعد دقيقتين من منتصف اللَّيل (11.58)ما يعني ان العالم اقترب بشكل غير مسبوق من نهايته بسبب التهديدات المتصاعدة للأسلحة النووية والتغير المناخي وسقوط الولايات المتحدة الأمريكية في يد قيادة شعبوية..
* كوريدا الثيران(corrida de toros): رياضة مصارعة الثيران المعروفة لدى الإسبان.