صرير باب موصد ......هيثم الأمين / تونس
لا صرير لنا
نحن الأبواب الموصدة الحارسة لبيوت فارغة
تركنا أصحابها لنقايض اللصوص
و فرّوا
فابتلعهم و ابتلع مفاتيحنا الغياب
نحن الأبواب الموصدة
لا رؤوس للأطفال نمدّها من أفواهنا
لنغيظ
الشارع المتصبّب صمتا
الواقف، وحيدا، تحت الشمس
لا صرير لنا
رغم كلّ ذاكرتنا التي تعجّ
بوجع الطّرَقَات الخفيفة/العنيفة
بأحاديث الجارات المستعجلات جدا فيختصرن الحديث في ساعتين من الوقوف
بمؤخرات مراهقات يجلسن على العتبات ليغمزن أبناء الحي
و بتاريخ أمّنا الشجرة التي نسيتها الغابة
لا صرير لنا
نحن النّوافذ التي لا تمدّ ذراعيها، صباحا، لتحتضن الشمس
و لا يتلصّص من خلالها شاب على حبيبته الجالسة في شرفتها
نحن الذين لا صرير لنا
نتابع الأخبار بملل واضح
و نقضي الوقت في تقشير أصواتنا من بحّتها
بالصراخ أحيانا
و أحيانا، بدندنة لحن أغنية عالقة في رؤوسنا لا نحفظ كلماتها
نحن الذين لا صرير لنا
نصنع من الأبجديّة كفّا كبيرة جدّا
ثمّ نربّت بها على أكتافنا
الكتابة ليست صريرا
الكتابة بقعة صمت لزجة على ورقة أو على صفحة فايسبوكية
نحن الذين لا صرير لنا
نمارس لعبة التزّلج على الأحلام
نحيك المؤامرات ضدّ أصابعنا الكسولة
و في الليل،
نوقد الكثير من دموعنا
و ربّما ننامْ
لا صرير لنا
نحن الذين يلتهمنا الجوع
فنقبّل وجوهنا على صفحات المرايا
أو نُهدي كفوفنا طعاما دسما للشهوة
لا صرير لنا
نحن المحشورون داخلنا رغما عنّا
الموسومون بأسماء لا تشبهنا
و المنتظرون لبطولات دونكشوتية يدوّنها التاريخ على ورق شجرة تستعدّ للتعرّي على سرير الخريف
لا صرير لنا
...
نحن الذين لا صرير لنا
...
سيّدي
رجاء
لقد نفدت علبة تبغي
فهل أجد عندك سيجارة؟!!
قدّاحة، من فضلك، سيّدي
...
صرير باب موصد ......هيثم الأمين / تونس
Reviewed by مجلة نصوص إنسانية
on
13 يوليو
Rating:
ليست هناك تعليقات: