اعتيادات بقلم مروى بديدة سوريا
لأنني اعتدت على الفقد كثيرا...
اعتدت أن أكون جميلة في الأزمات...
قد لا ترعبني خسارة الأشياء
أو أن أفقد معها أصابعي العشر...
مع الكثير من القيء و الدم...
أنا فقط يزعجني أن أمتلك أشياء راكدة
لزجة و متخمرة الى حد التعفن و العدم...
لطالما أحببت أشياء حية و حمراء...
تشبه الجحيم و البؤر المتوحشة و الفناء...
أحب الأنياب و أكره الأسنان اللبنية الساذجة...
أحب المطارق و المسامير ...
أمقت الخشب الراقد في الورشات...
ينتظر التشكيل و الصقل...
قبل أن يتحول إلى كمان عملاق... يدهشني...
أحب الندوب الغارقة حين تغيبني عن الوعي...
تلك الخدوش الطفيفة تهينني جدا
لأنني و ببساطة لا أشعر بها غائصة في لحمي...
و لأنني أكتب عن الألم كثيرا..
أنا لطيفة أكثر مما تتوقعون...
و طاعنة في الجرح أيها العابرون بلا نواح...
في كل مرة علينا أن نقيم جنازة مأساوية...
نبتدعها في الخيال حتى...
كي نقدس الموت أيها الجبناء...
كي لا ننسى هياكل أحبتنا النائمة في المقابر...
دون زيارات متواصلة ...دون باقات ورد فاخرة
نحن نحتك بالأحياء كثيرا ..
على إعتقاد بأننا أحياء الى أن يأتي عزرائيل...
نحن في الموت أكثر شعورا
أكثر صدقا و تواصلا مع النجوم و المجرات...
قلوبنا في الثرى أكثر طراوة...
لا تنهش من قبح العالم شيئا
و لا تستنبط الشر و الأذى...
و لأنك تشبه الموت ...
تشبه الأشياء البيضاء الأبدية...
أحببتك أيها الرجل البعيد ...البعيد
وضعت جثتي المتراكمة في صدرك...
و كم تشبه أنت الضريح أيها الشقي الشقي...
كل الذين ينقصهم الحب توحشوا...
و ابتدعوا السكاكين و الأسلحة و النووي...
و المؤامرات السياسية و الهجومات المنظمة...
أما أنا و لأنني بسيطة جدا...
و لا أمتلك عبقرية للشر...
فأحبك بغباء مفرط...
أريد أن أعقد معك اتفاقية سلام...
و أموت فيك عشرات المرات...
و أحيا...
ثم أموت...
و لأنه لا شيء أهم من العرق و الخبز و الزعتر
و الشاي و التين المجفف...
أريد أن أعيش في جنتك تلك...
دون جلسات تصوير و صحافة تقتفي أثري...
دون أن أكون امرأة عصرية ...
تذيب قلبها ب"الدايت"
و تنفخ جلدها ب "البوتكس"
أريد فقط أن أحبك في طبيعة هادئة...
أن أعيش حالة الكفن دون ضجيج...
اعتيادات بقلم مروى بديدة سوريا
Reviewed by مجلة نصوص إنسانية
on
19 يوليو
Rating:
ليست هناك تعليقات: