المهمة : جنون .........حسن الخندوقي / المغرب

قال لي مجنون بلدتنا :
لماذا لا يفهمني أحد ؟
أجبته مبتسما و مواسيا :
هون عليك . و أنا لا يفهمني أحد !
قال لي مستغربا :
لأنك عاقل .
الجنون مفهوم .
أما العقل فهو عين الغموض .

صدق من قال :
خذوا الحكمة من أفواه المجانين .
المجد للجنون إذاً .
فَلَأَنْ لا أُفْهَم و أنا مجنون خير لي من أن لا أُفْهَم و أنا متهوم بالعقل .

طبعا ، هذا يتعلق بنوع المتلقي :
فإن كان عاقلا ؛ فلن يفهمني لأنني مجنون
و إن كان مجنونا ؛ فلن يفهمني لأنني عاقل
و على كل حال ، أنا لست مفهوما
سواء اتُّهِمت بالجنون أو رُمِيت بالعقل .
و هكذا سينطبق عليّ القولان معا :
أعقل المجانين
و أجن العقلاء

أَ لَمْ يُتَّهَم أعتى العقلاء بالزندقة
فأظهروا الجنون اتقاء للمشنقة
يبدو أنني سأحذو حذو أحدهم
فليكن الحلاج مثلا
رغم أن خِرقته لم تشفع له عند السفاح
فشنقه و تركه عبرة على باب المدينة
أو ابن سبعين
رغم أنه قطع شرايين معصمه
ثمنا لمخطوطة ضائعة
أو غاليليو
رغم أن نواقيس الكنيسة
حطمت رأسه
أو...............  و ما أكثرهم

يبدو أنني سأحذو حذو مجنون بلدتتا
البسيط
فقد أقنعني أن المجانين في راحة
فمن زار بلدتي الصغيرة
في حضن جبال زرهون الوديعة
بالمغرب الأقصى
و راعه كثرة المجانين
السائرين بين الناس
بوداعة
فليبحث عني بينهم
فحتما سوف يعرفني .

سأجن حتما
 لأنني كثير التفكير
و لا يفهمني أحد
بخبرتك ، يا رفيقي مجنون بلدتي
ماذا أفعل لأصبح مثلك ؟
قهقه بجنون ثم قال :
قُمْ عني فقد تمت المهمة
إنك تكلم نفسك منذ البداية...

                                       ح - خ  ( ابن الزاوية )