أجمل امرأة عبرتني .....هيثم الأمين / تونس





لا تصفّفي شعرك إن قرّرت المجيء إليّ
 انسيْ علبة الألوان، قلم الحمرة، الكحل، المرايا و قارورة العطر
فما أنا حفلة رسميّة و لا مقهى "دو كلاس"
تعاليْ إليَّ
كما يذهب العاطلون في حيّ فقير الى المقهى من أجل الثرثرة و لعب الورق و العراك
تعاليْ إليّ
كما يذهب مراهقو قريتنا، صيفا، لشاطئ البحرْ
أو كما يذهب العتّالون و البحّارة ليسلخوا عنهم تعبهم، آخر اليوم، في حانة الميناء.
أعلم أنّك تكرهين رائحة دخاني
و لا تحبّذين قهوتي المرّة
أعلم أنّك تفضّلين الشّاي حلوا
بالنّعناع
و أنا أفضّلك بشَعْرٍ منكوش
ليس، فقط، لأنّي أحبّ الفوضى و أعاني من فوبيا النّظام
و لكن، أيضا، لأشعر أنّك أكثر اتّساعا
فأنا، كما تعلمين، أعاني من فوبيا الأماكن الضيّقة
و أحتاج امرأة بشساعة غابة استوائية أمارس فيها الصيد و العواء!
تعاليْ إليّ
و لا تغضبي منّي
إن آن أوان قبلتنا
فاقتربتُ منك كثيرا
كثيرا جدا
كثيرا بما يكفي لأتنفّس أنفاسك و لتتنفّسي أنفاسي
ثمّ تراجعتْ
و إن كرّرتها ألف مرة
لا تغضبي منّي
فأنا لم أتراجع لأنّي لا أشتهي تقبيلك
و لكن
لأراك فاغرة، عميقة، ذاهلة و لتطاردي شفاهي
 فأنا الطفل الذي كان ينام على خرافات الجدّاتْ
تفتنني خرافيّة المشهد
و تعيدني طفلا يتوسّد ركبة جدّته و يطير في الحلمْ.
صفّفي شعرك إن قرّرت المجيء إليّ
ضعي الألوان و الحمرة و الكحل و تعطّري
سلي المرايا، لساعات:
هل أبدو جميلة جدا؟
هل سيراني جميلة جدا؟
و كوني أنيقة جدا
كما لو أنّك ذاهبة لحفلة رسميّة أو لمقهى "دو كلاس"
فأنا طفل يعجّ بالشّغبْ
كنت أضحك كثيرا من فرط السّعادة
كلّما أفسدت قصور الرّمل الرائعة على شاطئ البحر
تعاليْ إليّ
و سأكون سعيدا جدا
و أنا أفسد تسريحة شعرك، ألوانك، أحمر الشفاه و كحلك
و أفسد برائحة دخاني عطرك
و سأكذّب كلّ ما أخبرتك به المرايا
و بعد قبلة طويلة سأوشوش لك:
أنت، الآن، أجمل امرأة عبرتني.
أجمل امرأة عبرتني .....هيثم الأمين / تونس Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 19 يوليو Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.