البكماء بقلم رحمة البريكي تونس
في الباساج ، المشهد صاخب جدّا و حركة الشّارع كحركة الزّربوط في أوج تعنّته لا تعرف لها منطلقًا و مُنتهى ، المشهد مُعقّدٌ جدّا كخيط حذاء معلّق في سلك الكهرباء .
وقفت في منتصف الطّريق أنتظر مرور المترو الذّي قطع مرور السيّارات ..
وقف شابّان إلى جانبي ثمّ التفت أحدهما إليّ وقال ..
- ما تفهم شي يا حومهْ شنيّة توّة نتعدّاو ولا ما نتعدّاوش ملاّ سيركيلاسيون يا معلّم ..تقول راس مجنون
كانت أشعّة الشّمس تخترق دماغي و كنت أقشّر بقيّة طلاء الأظافر الذّي جربته في أحد المحلاّت فلم أرفع رأسي إليه ..
حين آن لنا أن نعبر الطّريق انطلقت أشقّ شارع باريس وكان الشّابّان يتأخّران عنّي خطوة واحدة و يرافقاني كالمَلَكَين من الجانبين ، كان مَلَكُ الشّمالِ صامتا .. أمّا صاحب اليمين فلم يفتأ يحدّثني و كأنّه يحدّث صاحبه ..
- برجوليّة هالقوايل هاذي متع ركشة .. كليماتيزور و نومة و برج دلاّع نبيع بيهم الدنيا أنا.. و إنت قطّوس.. تخدم ؟
كان طلاء الأظافر عنيدا جدّا .. و أنا كنت عنيدة أكثر ، ولم يكن يقطع تركيزي سوى صوت ملك اليمين يناوشني ليسحب منّي الكلام ..
- كيفاش توّة موكش بش تحكي معايا ياخي .. يا حسّان ؟
وخطر ببالي أن حسّان صاحبه قد ابتلع لسانه إذ انتصف شارع باريس و لم أسمع صوته بعد .. فأعملت حدسي يستجلي بروفيل الشابّ الصّامت .. كان خجولا يكتفي بهزّ رأسه والابتسام مطوّلا لحركات صاحبه الذّي بدا لي أنّه كان يعلّمه أولى خطوات التبزنيس ..
عندما بلغنا وتيل الهناء تدفّق منه رجل مستعجل إلى الخارج وكأنّما قد لفظه البحر فاصطدم بي و ألقى تعويذته هو الآخر ..
عندها لحق بي ملك اليمين و استوقفني ..
- أختي! سمعتو اش قلّك ماو ! غريبة والله الشيب و العيب حتى قد بنتو ما سلمتش منّو ..
رفعت فيه عينيّ ثمّ فتحت كفّي أمام ناظريه .. و باليد الأخرى سحبت قلما .. زممت شفتيّ و رفعت حاجبيّ أسفا ثمّ أشرت إليه أن يكتب ما يودّ أن يقول ..
فتح الشابّ فمه و عينيه ثمّ أشار إليّ و إلى أذنه و فمه .. فهززت كتفيّ و بقيت أتأمّله مبتسمة و كفّي في وجهه تنتظر أن يفصح فيها ..
ربّت على كتفي ثمّ وضع يده على قلبه معتذرا و قد اختفت من وجهه ملامح الفراريزم و الكلوشاريزم و انكسر خاطره فأضحى حملا وديعا وكأنّما قد رفع الله عن وجهه و قلبه جميع ما أتاه حتّى حزّ في نفسي انكساره و هممت أن أنطق و أعتذر له عمّا أسلفت لولا أن جال بخاطري طول شارع باريس الذّي قطعته تحت وطء كلماته البليدة و مناوشاته الرّكيكة ..
دسست القلم في حقيبتي ثمّ مضيت أشقّ طريقي و قد تناهى إلى سمعي صوته الملائكيّ حقيقة هذه المرّة و هو يسرّ إلى صاحبه :
- الزحّ ملاّ عملة عملتها يا حسّان مسكينة الطّفلة طلعت ما تتكلّمش وأنا ساعة نمرج فيها .. بالله العظيم حاسّ روحي درا كيفاش ..
وقفت في منتصف الطّريق أنتظر مرور المترو الذّي قطع مرور السيّارات ..
وقف شابّان إلى جانبي ثمّ التفت أحدهما إليّ وقال ..
- ما تفهم شي يا حومهْ شنيّة توّة نتعدّاو ولا ما نتعدّاوش ملاّ سيركيلاسيون يا معلّم ..تقول راس مجنون
كانت أشعّة الشّمس تخترق دماغي و كنت أقشّر بقيّة طلاء الأظافر الذّي جربته في أحد المحلاّت فلم أرفع رأسي إليه ..
حين آن لنا أن نعبر الطّريق انطلقت أشقّ شارع باريس وكان الشّابّان يتأخّران عنّي خطوة واحدة و يرافقاني كالمَلَكَين من الجانبين ، كان مَلَكُ الشّمالِ صامتا .. أمّا صاحب اليمين فلم يفتأ يحدّثني و كأنّه يحدّث صاحبه ..
- برجوليّة هالقوايل هاذي متع ركشة .. كليماتيزور و نومة و برج دلاّع نبيع بيهم الدنيا أنا.. و إنت قطّوس.. تخدم ؟
كان طلاء الأظافر عنيدا جدّا .. و أنا كنت عنيدة أكثر ، ولم يكن يقطع تركيزي سوى صوت ملك اليمين يناوشني ليسحب منّي الكلام ..
- كيفاش توّة موكش بش تحكي معايا ياخي .. يا حسّان ؟
وخطر ببالي أن حسّان صاحبه قد ابتلع لسانه إذ انتصف شارع باريس و لم أسمع صوته بعد .. فأعملت حدسي يستجلي بروفيل الشابّ الصّامت .. كان خجولا يكتفي بهزّ رأسه والابتسام مطوّلا لحركات صاحبه الذّي بدا لي أنّه كان يعلّمه أولى خطوات التبزنيس ..
عندما بلغنا وتيل الهناء تدفّق منه رجل مستعجل إلى الخارج وكأنّما قد لفظه البحر فاصطدم بي و ألقى تعويذته هو الآخر ..
عندها لحق بي ملك اليمين و استوقفني ..
- أختي! سمعتو اش قلّك ماو ! غريبة والله الشيب و العيب حتى قد بنتو ما سلمتش منّو ..
رفعت فيه عينيّ ثمّ فتحت كفّي أمام ناظريه .. و باليد الأخرى سحبت قلما .. زممت شفتيّ و رفعت حاجبيّ أسفا ثمّ أشرت إليه أن يكتب ما يودّ أن يقول ..
فتح الشابّ فمه و عينيه ثمّ أشار إليّ و إلى أذنه و فمه .. فهززت كتفيّ و بقيت أتأمّله مبتسمة و كفّي في وجهه تنتظر أن يفصح فيها ..
ربّت على كتفي ثمّ وضع يده على قلبه معتذرا و قد اختفت من وجهه ملامح الفراريزم و الكلوشاريزم و انكسر خاطره فأضحى حملا وديعا وكأنّما قد رفع الله عن وجهه و قلبه جميع ما أتاه حتّى حزّ في نفسي انكساره و هممت أن أنطق و أعتذر له عمّا أسلفت لولا أن جال بخاطري طول شارع باريس الذّي قطعته تحت وطء كلماته البليدة و مناوشاته الرّكيكة ..
دسست القلم في حقيبتي ثمّ مضيت أشقّ طريقي و قد تناهى إلى سمعي صوته الملائكيّ حقيقة هذه المرّة و هو يسرّ إلى صاحبه :
- الزحّ ملاّ عملة عملتها يا حسّان مسكينة الطّفلة طلعت ما تتكلّمش وأنا ساعة نمرج فيها .. بالله العظيم حاسّ روحي درا كيفاش ..
البكماء بقلم رحمة البريكي تونس
Reviewed by مجلة نصوص إنسانية
on
30 أغسطس
Rating:

bjeh raby bnyet 3amii bary nayki
ردحذف