جبانة .. بقلم حواء فاعور سوريا



جبانة ..
قد هربت كثيرا مني
مذ وعيت هذا الوعي الرهيب وأنا أهرب إلى أخرى لا تشبهني ابدا ..
لطالما فكرت بأني سأكون شخصا مفيدا يوما ومهما ومتميزا ومختلفا أيضا .
كان وعيي باستحالة الأمر مرعبا كصوت قطرة ماء من صنبور مكسور في زنزانة ضيقة ومعتمة ،لكني لم أدر ظهري ولم استسلم يوما للهلع ، في حين أني في الحقيقة لاشيء على الاطلاق باستثناء صفة الأم ..
حتى أني أحيانا ارتاب من نفسي حد ان انفي عنها جنسها كأنثى ..هذه النفس الصلفة 
التي تصرخ داخلها 
وترقص داخلها
وتبكي وتتعب وتموت وتحيا وتكره وتحب وتضجر داااخلها 
هذه النفس المجردة من الرغبة بشكل صاعق ..
العالقة في دوامة رملية من أسئلة بصيرة ومخيفة 
والساعية الى أجوبة ما تزال عدما ،ولم ترق حتى للعمى بينما رمل العمر ينسرب في عين الشمس ليجعل كل شيء هباء 
غبار خلفه الضوء والدمع ..
ذاتي المقدسة عندي كإلهة لكثرة ما احببتها احتقرها واعذبها كمن يفتح في ضرس منخور فجوة ليخرج منه التسوس ..
دوامة من اللاشيء والعذاب مع الوعي اللئيم للوقت والمواقف والأحداث .
من العماء والادعاء بعدم الهشاشة ..وانا بروح جاثية منذ ان قرر الله ان يختار النطفة التي ستبقى حية في مبيض أمي لاتشكل كألم في رحمها ..
انا الغلطة .
غلطة من ؟!
لاشيء يربطني بهذي الحياة القحبة ابدا ولست شجاعة نهائيا حتى اجابهها واعيش ،
لم افعل اي شيء بارادتي ،أبدا 
ولم أحب من حياتي واحداثها شيئا كوجود أمي الذي سلبنيه الله 
واندفاعي الوحشي غير المعقول لابذل كل كلي في سبيل اطفالي ،
وهبهم لي الله مساميرا صغيرة ،زاهية وملونة شد ظلي بها للوجود ..
كل شيء قمت به كنت مكرهة عليه وانا اجاهد ان اقنع نفسي بالرضا ،واتجاهل هذا الجموح الضخم فيها
هذا الرفض الذي كان قويا ومبطنا ومتألما لفداحة سوء الفهم وعمق غوره في فم الجرح المفغور في الروح
أكره الكتابة جدا وكأن كل حرف أكتبه إهانة مصوبة بدقة الى نفسي لكني أكتب مرغمة لأني لا أريد أن اطفئ أعقاب السجائر مرة أخرى في ركبتي اليسرى ..ولأنه لا مكان لي اذهب اليه ولا أهل
كما اني شخص مقيت ولايطاق ولاشيء يجعل مني كائنا يمكن ان يحتمله الناس الا من خلال نص 
بالاضافة أنه لا يمكن لي ابدا أن اعذبك بقول كلمة الا في نص 
تلك الكلمة التي لن اقولها ابدا ..
الا في نص لأني حجيم مؤذ ومعذب 
لاني مختلفة وملعونة 
وأحبك 
جبانة .. بقلم حواء فاعور سوريا Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 08 أغسطس Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.