ضاع القمر ......بقلم فتحي العريبي / تونس



ضاع القمر ..

ليل أَبْكَمٌ و معاق ذهنيا
غيوم سوداء
سماء ممطرة
و غياب كلي للقمر
أظنه هاجر
اظن القمر ، هرب من الشتاء ، فوقع في الحب
حب كوكب جديد
كوكب .. أصغر سنا  ، أكثر  وسامةً و أكثر ثراء 
احاسيسه أكثر صدق و مشاعره أكثر دفئ
ذاك الدفئ  الذي افتقدناه من سنين
نعم .. سنين عدة
و هذا  الراس المثقل بالهموم  ، يخشى النوم
يزور المقابر كل ليلة ، يجالس الاموات
و يتحدث معهم ، حديث الصمت و السكون
العقل وصل الى طريق مسدود
و يبدو ان هذا الليل اصبح بلا نهاية ..
جو من البرودة و الهدوء يسود هاته الزنزانة
غرفتي التي اعتكفت بها
بينما احتضن القمر الحب و نام
إكتشف أخيرا أن  الحب هو الحياة
هو المعنى الحقيقي للتكامل و السعادة
و أن  الحياة الحقيقية هي التي نعيشها بقراراتنا الشخصية
عكسي أنا تماما ، عتمة و سكون يعم المكان ..
وايقاع الوحدة  الصاخب الذي يُخرِجُ أقذر ما فيك
يتسلل إلى أعماق أعماق روحك
ينبش ذكرى تلك الأماكن البعيدة التي هجرتها في داخلك
هنا ... حيث الظلام ، الذكريات المحطمة ، الوجوه التي نسيتها و رائحة انفاسهم
ثم يحضرها  اليك بقوة ، ليدعك في مواجهة قاتلة مع أجزائك القديمة المحطمة
كم هي مؤلمة تلك الافكار ، التي تهيمن عليك وتضعك في حالة سكون كامل
لاتتحرك  ، لاترقص ، لاتضحك ، فقط تتأمل وتفكر في خيبتك بصمت
أصمت مرات و أتنهد مرات
لا ارى شيء او اشعر بشئ ،  الا شاشة هذا الهاتف  اللعين
و عينان تمردا احمرارا وسط الظلمة
أحيانا  ارى بهما ذنوبي الكثيرة  ، ترميني بينها
و أحيانا  اراني كما انا ..
مستلقي لا  احس ، لا اسمع و لا اتكلم ..
و مرات اكون قد نسيت مكان تواجدي في الغرفة أصلا
و تذهب بي مخيلتي الى اماكن لا تروق حتى لإبليس ..
ساعة ذلك  ..
يمكنني التخيل اني لست شيئا سوى جسد و احساس قد مات
و لا شئ مما اتذكر الان ، سوى ما ذُكِرْ
و بضع احداث عشتها منذ الصغر
كانت قد سقطت في مسنتقع مليئا بالروتين
أصبح لا مبالٍ تماماً ومثيرٌ للشفقة
بئرٌ جفّت ..
والماءُ فيها على عمق سنة ضوئية
ولا شيءَ يؤكّد ما إذا كان هناكَ ماءٌ أصلاً
ما الذي هناكَ ليربطني بالماضي أو بالمستقبل ... ؟
الحاضرُ شبحٌ يعبّرُ عنّي
فأنا لستُ مستلقي على السرير ، بل أحومُ حوله
لاشيء يؤكد ..  لا شيء.
فراغ مقيت و ملل
لا ليس مللاً بل أنه خواء
لامعنى ..
ضياع ..!!
سكون ، ظلام  ، وحدة..
كل الظروف ملائمة لتطلق العنان لذاك العقل الفارغ
في رحلة لم تكن مبرمجة له بالأساس
رحلة تأمل
هلوسات
تمني
شرود
يأس
نبش في الذكريات
حسرة
توعد
لا مبالاة.
ندم
إستهزاء
رحلة تتخلها لحظات نكرة
لا يمكن أن يكون لها أي شعور.
لكن بعد كل هذا ، حتماً ستنام العيون
إنهم يقولون ياصديق ، أن بعد كل شقاء رخاء !
صدقا ...
هم لا يعلمون أن هناك من يعشقهم الشقاء بذاته..
فــ له  تحياتي.ّ.... (ف.الع)
ضاع القمر ......بقلم فتحي العريبي / تونس Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 01 نوفمبر Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.