امرأة وحيدة و رجل بوجه حزين ....هيثم الأمين / تونس


// نصوص أفرزتها و أنا عالق في فم الفراغ: نص 13  من 14//

امرأة وحيدة و رجل بوجه حزين
---------------------------------
كامرأة وحيدة
تشعر بغرابة العالم
و ببرودة الطقس
أرتشف قهوتي الباردة
و من خلف زجاج النافذة
ألوّح بنهديّ
لوجه رجل حزين مصاب بامرأة باردة مازال ينتظرها على النّاصية.
أفكّر، أحيانا، أن أدعوه ليقاسمني
قهوتي الباردة،
غرفتي الباردة
و وحدتي الباردة.
ذاك الرجل ذو الوجه الحزين
لو أنّه يأتي،
لمرّة واحدة،
فيدخل وحدتي
حاملا معه
آخر أخباري،
رائحتي العالقة بكنزته الصوفية،
صوري التي يعلّقها على جدار نور عينيه
و قهوة ساخنة.
لو أنّه يأتي،
لمرّة واحدة،
بعد أن يخلع عنه
امرأته الباردة
و وجهه الحزين.
يأتي
فيدخل وحدتي
و يضرم الكثير من قصص الأطفال في هذا البرد
و يضحك كثيرا
حين يكتشف
أنّ خبز صدري ساخن جدا
و أنّ جوعي ساخن جدا
و أنّ ملاءاتي و شراشيفي ساخنة جدا
و أنّ قصص الأطفال
قبلات منزوعة الشهوة قد تُعجبُ امرأة وحيدة مثلي.
كامرأة وحيدة
أجلس بعيدة عنّي،
أرتّب أناملي على حسب أغنية قديمة كنت أحبّها،
أدعك ذاكرتي التي ما عدت أتذكّر منها شيئا،
أخلع عنّي الرّجل ذا الوجه الحزين
و أكتب قصّة طويلة عنّي
قصّة
لا مكان فيها لقهوتي الباردة
و لا للنافذة
و لا للرجل ذي الوجه الحزين الذي يقف على النّاصية.
كامرأة وحيدة،
من وراء زجاج النافذة،
أتابع الرجل ذا الوجه الحزين على الناصية.
إنّه يركّب رقما على هاتفه و يتّصلْ!
مخاطبه لم يجبه بعد!
يرنّ هاتفي!
أبحث عنه طويلا في جيوب معطفي!
من وراء النافذة،
مرتبكا،
مازال الرجل ذو الوجه الحزين ينتظرْ!
وجدتُ هاتفي
رقم غريب لا أعرفه!
هل أجيب؟!
قلقا، مازال الرجل ذو الوجه الحزين ينتظرْ!
أجيب على المتّصل بي.
يجيب المتّصل عليه على الرجل ذي الوجه الحزين!
صوت ذكوريّ يقول لي:
" مرحبا، أحبّك أيّتها المرأة الباردة"
و ينقطع الاتصال!
على الناصية،
الرجل ذو الوجه الحزين
يدسّ هاتفه في جيب معطفه و يمضي!!!
امرأة وحيدة و رجل بوجه حزين ....هيثم الأمين / تونس Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 17 نوفمبر Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.