المشهد الأخير من فيلم "سنة مضت" ..بقلم ريتا الحكيم / سوريا
كلَّ سنةٍ أولَدُ امرأةً لا تشبهُ سابقاتِها
أستبدلُ مرآتي بأخرى.. أحصي تجاعيدي.. أخطئُ في العدِّ عمدًا وأعزو ذلك إلى جهلي بالحسابِ.
أنبشُ صُوَري العتيقةِ.. أقارنُ بينها سنةً بعد سنة
أفرشُها على ملاءةِ الحربِ
أضعُ سيناريو مُحتملًا لتجاعيدَ أخرى ستغزو وجهي..
كأن أغدوَ مثل أمِّي.. من تجاعيدِها نتدلَّى
إخوتي وأنا همومًا صَّغيرةً وكبيرةً.
الوقتُ قاطنٌ قديمٌ.. جديد في ذاكرةٍ لا تشيخ
يمارسُ عليَّ سطوتَهُ
لا يأبهُ بما ارتكبتُهُ من أحزانٍ
يكتفي بأن يراقبَني
وأنا أمسحُ رذاذَ مطرِ غيابٍ
ينقرُ على نافذةِ سكينتي..
يشمتُ بي وأنا أزيلُ عن مفاتيحِ سجني
صدأ الانتظارِ.. ويلوذ بالفرار
أحملُ في رأسي جنينَ نصٍّ مشوَّهٍ
كلما عضَّهُ الجوع يلتهمُ إحدى أفكاري
عاجزةٌ أنا الآن عن كتابةِ نصٍّ آخرَ يليقُ بهذه الفوضى
كيف أعبرُ جسرَ سنةٍ وثَّقتِ انكساراتي؟
ربَّما أحتاجُ إلى تغييرِ اسمي.. هُويَّتي.. وموطني
ربَّما النُّكوصُ إلى نصِّ الشَّهقةِ الأولى
يعفيني من كلِّ هذه التَّغييراتِ المستحيلةِ
أو ربَّما العودةُ إلى رحِمِ أمِّي
تمحو من ذاكرتي كلَّ ما سلفَ.
عشرُ سنواتٍ مِنَ الحربِ رمتْ بنا
في قوقعة اليُتمٍ
عانقتُ فيها صورَ أطفالٍ عن بُعد
بكيتُ وصرختُ معهم في وجه السَّماءِ:
أين أنتَ يا الله؟
ارتديتُ ثيابَ الحدادِ على أموات مجهولين..
مُعتقلين.. ومغيَّبين.
لا السَّماءُ استجابتْ ولا الحربُ من دمائِنا ارتوتْ
وكلُّ الرَّسائلِ إلى الله احتُجزت في أقبيةٍ معتمةٍ.
31/12/2019
المشهد الأخير من فيلم "سنة مضت" ..بقلم ريتا الحكيم / سوريا
Reviewed by مجلة نصوص إنسانية
on
31 ديسمبر
Rating:
ليست هناك تعليقات: