نشيد آدم ( من ١ حتى ١٠ ) بقلم محمد آدم / مصر



نشيد آدم

أو

(أغنية اليوم السادس)

[ونبلوكم بالشر والخير فتنة]

الأنبياء 35


الشكل يقيدنى

لكنى أريد أن أدخل بذاتي فى كل الأرجاء

الشكل هو القسوة الواضحة بلا رحمة.

أرنست شتاولر


إلى متى سنصبر على غيابنا

لا أحد يلاحظ كم نحن ممتلئون بالسواد

كم نحن منسحبون إلى داخلنا

إلى ظلامنا.

فولفجانج هلبيج




[1]

إيه

أيتها الروح الصدئة الرنانةُ

مثل صنج

أيتها الروح الخربة مثل مقبرةٍ

كم تضجين بالكلاب الضالة

وقطط الهواء المتوحشة

آه يا روحى التي تنزلق إلى الضلال

والإثم

أيتها الروح التى لا تعمل

بلا أنشوطاتٍ

قويةً

أو سكاكين خالصةً

ماذا عن اليقين ذى الضلال

وما عن الروح

التى تتهدد؟!



[2]

سوف أخرج من شواطى النسيان هذه

وأبعث الوحدة من مرمرها

وسأعمل بيدين ضالتين

وقلب بلا

فاكهةٍ

وسأنصِّب نفسي ملكاً للفوضى العارمة

واليقين المنعدم.


[3]

بلا

يقين واحد

أمد رجلىَّ فى الفراغ الغويط وأتردد ما بين الأمل واليأس بضراوةٍ ولا

أبحث عن مساومة

أعقد صفقات متوالية مع الأنقاض والهزائم

وأوسوس لنفسى

بنفسى

وأبحث عن السماء فى الأرض

وأبحث عن الأرض فى السماء

وأملأ رئتى من هواء العدم المحض

وأحدق ملياً فى قيعان اليأس

أنا الكائن

المتناقض والمنسجم فى آن معاً

أنا الذى أبدد كل شيء وأجمع كل شىء إلىّ

هذه هي إذن هياكلى التي أعرفها

ولا أعرفها

سوف ألملمها واحدة

فواحدةً

وأعبث بها على الأرائك

وفوق أسرة النوم المتوحشة

أعرش على

[4]

أنا زعيم اليأس الكامل والخراب المنعزل

أنا اليقظة الدائخة فى النوم والنوم الدائب فى اليقظة آهٍ

من تلك الفوضى الآتية من كل فجٍّ

ومن النسيان الذى يسيطر على كل اتجاهٍ

آه

من الزمن الذى فقد الزمن ومن الدقائق التى ضلت الحكمة

آه من الساعات التى تعترف باليأس ولا تبرر الأمل

من السنوات التى بلا رنينٍ خالصٍ

أو حتى دهشةٍ واحدةٍ

لم يعد للوجود معنى

لم تعد للروح مشاركةٌ

إلي متى أكون بينكم وأصمت؟

إلى متى أكون فيكم ولا أتكلم؟

سفن أخرى سوف تأتى

وموانىء آفلةٌ تتهيأ لاستقبالي الحار.


[5]

بحارٌ هائلةٌ تودُّلو ألقى إليها بتحياتى المعلبة

وأتوقف على قيعانها الإسفنجية

لأتأمل السماء

وهى تنقبض وتنبسط كخيمة هائلة للرب

مجرات كاملة تجلس معى على الأرصفة

وتتناول كسرات خبزى الجافة

وتحتسى معى الشاى المر

كم هى واطئة كل هذه السموات

وكم هى بعيدة أيضاً كل هذه الأرض؟

أيتها الزرقة الغاوية

خذينى إليك

ضمينى

واحضنينى

أنا الخائف البردان فى

الجحيم المنجرد

ارحمينى أيتها السماء من أساطيرى التى لا تجرحنى

وخرافاتى التى لا تتوقف

وخيالاتى التي لا تريد أن تنام.


[6]

من قال/

أن الله هو الكلمة فحسب

هو الكينونة فقط

ما معنى الكلمة؟!

ما معنى الوجود والموت؟

ماذا عن الزمن بأظافره التي يبخُّ منها الدم؟

آه

يا غبارى الذى يتمدَّد..!!


[7]

كل البحار تنبع من روحى

كافة المحيطات تغتسل تحت قدمى وتنام تحت أشرعتى

فوق مخداتى يتقاتل الليل والنهار

ويشتبك النورمع الظلمة

فوق بدنى

- المحشو بالخيانات والحصى -

تتوافد كافة القارات

لتعقد صلحاً مع الطبيعة الغاوية

وتعيد توزيع جغرافياتها

من أنا؟

ماذا أفعل فى هذه الوحدة التعسة؟!

ماذا أفعل بكل هذا الوجود الممض؟

كل شىء غامض فى هذا الكون..!!

المتاهة تلو المتاهة

لا أمل فى الخلاص أبداً.


[8]

أيها الأقيانوس العظيم خذنى إليك

خذنى إلى فضائك الشاسع شسوع روحى الخربة ونفسى المضللة

المضمحلة

تلفت روحى

وأنهار بدنى

جفَّ حلقى

وأصبحت مثل كومةٍ من الوساخات

حصبائى بالغة الغور وشمسى بلا يقين أبداً

أنا القداس الأخير لمملكة العدم

أنا الندم الذى لا يعرف الرحمة أبداً والرحمة التى لا تعرف طريقها

إلى الأرض دائماً

أنا المهرج العظيم فى مملكة السيرك الكونىِّ

والحصاة الناتئة

فوق سفح كل جبلٍ

أنا لاعب السيرك الأعزل والمطارد العظيم

فوق جبل النار الذى يمتد من الأزل إلى الأبد

أنا الغيمة المتلاشية فى بنطال التفاضلات والتكاملات.



[9]

دعني أتلاشى أيها الغمر المتلفع بغياهب الظلمة

وسواسن الندم

انعدم أيها النور الخائن - أنا منعدم بك ومنعدم ورائك ومنعدم أمامك -

أريد أن أبلل شفتى المشققتين بتراب الحقيقة وهواء الكينونة الملون بدماء

الضحايا...

أريد أن أقترب أكثر وأكثر من فقاعات الجنس

وتكوينات الجسد الكامل.


[10]

آه

يا ديمومة الروح الخالدة

أقدامى تعبر الأزل والأبد فى لحظةٍ واحدةٍ

سأفكِّك اللغة كالخرادل

وأدلق الحروف

على الطرقات

- كالكائنات الضالة -

وسأترك المعانى فى العراء

إلى أن تجف

أو تموت

بلا معنى لأى شىء

ولكل شىء.


نشيد آدم ( من ١ حتى ١٠ ) بقلم محمد آدم / مصر Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 21 فبراير Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.