نشيد آدم ( من ١١ حتى ٢٠) بقلم محمد آدم / مصر
[11]
معلقٌ أنا مثل فضيحة مدوية
ومصلوب مثل خطيئة بألف رأس
قدماى زائغتان
ولا تستقران علي شىء
عن أى شىء أبحث أنا المهمل فى هذا الكون الخرب؟!
لا شىء
لا شىء يحدث تحت قبةِ هذه السماء الواطئة
لا جديد تحت هذه الشمس الحارقة
حتى المعرفة الخالصة
حتى اليقين الكامل
حتى السلام الذى يعم
لا وجود لأى شىء
ولكل شىء
أنا وحيد فى هذا الكون
ولا عزاءَ لى.
[12]
أشرب من كافة الينابيع ولا أرتوى
أجلس تحت كافة الأشجار ولا أشعر بالظلِّ
أنزل إلى كافة البحار
ولا أتبلل
أسير على رمل الشاطىء
ولا أرى البحر
أسير فى قلب الظلمة المعادية ولا أقبض ولو على نجمة واحدة
- كلى
واشربى
أيتها الديدان التى ترعى فى بدنى
وتنحلُّ فى ذاكرتى
ولتنزلي
على سواحلى
بسلام - .
13]
لتستوي
أيتها الديدان المتوحشة - الجمة - فوق روحى الهشة
روحى التى تتلامع مثل سمكة مجوفة فى سماء خرافية
بألف عين
- أيتها الديدان التى ترعى الخراب على سواحل اليأس الجهنمية هذه -
ولتقهقهى هناك إلى الأبد
فلا مردَّ لك
أنا هالكٌ
لا محالة.
[14]
من ينقذ سلام نفسى المملوءة بالحفر والشك؟
من يطبطب علي كفل روحى المشققة مثل صحراوات تقهقه؟ آه
من هذا البرق والرعد اللذين يمسكان بتلابيبى ولا يتركانى سوى جثة
- حامضةٍ -
بين الأنقاض
وضراوة اليأس الممضِّ؟!
[15]
أنا نغمة الطبيعة النشاز وعضوها الهيولى الأجوف
سنواتنا بلا رحمةٍ واحدة
وحياتنا بلا يقينٍ خالص
كلماتنا البدد
نفسه
إيه يا خلاص روحى ويا نفسى المنسحقة مثل كوابيس ضاريةٍ
تكللى بالسواد
أيتها الأرض
أيتها الأرض المنتفخة بالجثت
والعداوات
أفقد الرغبة في الخلاص
كما أفقد الرغبة فى اليقين حقاً.
[16]
أتدثر تحت أغطيتى البردانة وأضمحل
أسمع صفير نفسى التى تتفحمُ
من ألقى بى إلى هذه المتاهة الغفل؟
من ذا الذى دفعنى إلي هذه الناحية من الجسر؟
من ذا الذين يقودنى - أخيراً - إلى المنزل
إلى بيت
أبى
- حيث الجرار والخمر -
أنا المكلل بالخسارات
والخيبة
أنا المملوء بالشك
حتى النخاع
سأرحل بلا بداية
واسأل بلا
أمل
ولا يقين لى فأعول عليه.
[17]
وحدى أعرف خلاص نفسى
سأنفجر مثل بالونةٍ معبأة بالخيبة وآلاف الأسلاك الكهربائية
المتماسة
سأعبِّىء نفسى باللاشىء
وسأنام مثل قارورة
مندلقة
تحت سفح جبل
ربما
سأدهن هواءكم الملوث بالسواد
ومثلما تدهنون روحى
المشبعةَ بالألم.
[18]
أى فاكهة سوف آكل أنا الجائعُ الأبدى إلى المن والسلوى
سوف أغلق - علىّ - باب حجرتى
وأدحرج البحر بخياشيمى
وألعب بالأرض
كالنرد
إلى أن أعبر البرازخ
أنا المصاب بالانهيارات والتصدعات
دائماً
أنا المسافر الأبدىُّ إلى العدم ولا رفيق لى
أنا الحامل فوق كتفى كل هذه التعاسات الإنسانية ولا أنيس لى
أنا المرتكب كل خطيئة
عن قصدٍ
وغير قصدٍ
أنا المتأبط الدائم لطيور اللامبالاة الهرمة
الراسى فوق جبل الإثم المدوخ
أنا الضاحك الأزلى من الألم حتى الزلزلةِ ومن الموت حتى الرعبِ
المتوقف أمام كل شارع لأحصى عدد خيباتهِ وأوهامه
أنا العاطل عن كل حكمة
والخالى من كل إرادةٍ.
[19]
أنا العائدُ من الجحيم دائماً
أنا الخارج من كافة المعارك بلا سلاحٍ واحدٍ وأحمل على ظهرى
كافة الهزائم
لا تحية لى من أحدٍ
ولا يقين - حقيقى - لى عند أى حد
ليس لى من شارة واحدة من مجد أكيد لأضعها فوق صدرى
سوى مخيلة
بائدة
لملك مخلوع
وبنياشين عصر كامل من الأكاذيب والخدع السينمائية
على جسدى تنطبع صور لكافة الخسارات والندم
لن أسمع لهوائكم الملوث بالأحقاد والضغينة أن يتسرب إلى
أنا المطرودمن طرقكم الهرمةِ ومدنكم الشائخة والتي لا تحمل سوى رائحة العفن الخالص
وخرائبكم الملقاة على الشوارع كالمطبات والحفر - إلى أطراف
الصحراوات -
كأننى جريمة مدويةٌ
إلى حيث جنتى الشائكة التى سوف أصنعها بيدىَّ ولا تتسع إلا لى
أنا المطارد الأبدى
كأننى كومة من الأوحال
والوساخات
مرارة واحدة من مراراتى - اللا نهائية -
تكفى لستةٍ من العوالم
مثل هذه.
[20]
سأقتفى أثر الظلمة على الأرض
- ربما أقاسمها النهار
مثلما تقاسمنى الوحدة
والضغينة -
وبملابسى المتسخة هذه
سوف أرقد عارياً إلى الأبد تحت سماواتكم المدججة بالنجوم والتخيلات
وسوف أدحرج كرة الأرض
فوق قدمىَّ
كلاعب يلهو بالطبيعة
مثلما يود.
نشيد آدم ( من ١١ حتى ٢٠) بقلم محمد آدم / مصر
Reviewed by مجلة نصوص إنسانية
on
21 فبراير
Rating:
ليست هناك تعليقات: