قراءة في نص الهايكست المبدعة Hala Shaar بقلم أحمد إسماعيل / سوريا





قراءة في نص الهايكست المبدعة  Hala Shaar

لا أجدني
زحمة ورق الخريف
يحتل الرصيف

حين نتكلم عن الذات فالحديث طويل لكن الهايكست له قدرة مذهلة في اختزال المشاهد و تكثيفها وضخ كمية كبيرة من الإحساس فيها لترفع من إيقاع النص و تجعل الخيال يحلق في التفاصيل و الأبعاد العميقة للمشهد
وهذا ما أرادت شاعرتنا المبدعة إيصاله
فمطلع المشهد لا يتكلم فقط عن الذات بل يتعدى ذلك إلى حالة عالية من الدهشة
فهي تقول    لا  أجدني
هما تتركنا الشاعرة لنتأملها  ماذا أصابها
لم هي في وضع الشتات
هذه الأسئلة و غيرها تلبسنا الفضول لنمضي في داخلها لنتعرف    على السبب علنا نكون سببا في خروجها من حالتها
لكن الشاعرة لاتكتفي بذلك بل ترفع نسق الفضول و الدهشة في السطر الثاني
حين تقول  زحمة ورق الخريف
الزحمة التي وضعتها في بداية السطر الثاني ترسم حالة من الضجر الكبير من الازدحام وهذا الازدحام هو ناتج عن ورق الخريف
وهنا دعونا نتأمل المشهد بعمق أكبر
فحين تتراكم اوراق الخريف فوق  بعضها النباتات التي تحتها تختنق و الرطوبة والعفن سيلاحق أي نبات تحتها و هذا الوصف عميق جدا ومذهل
فهنا الشاعرة عبرت عن الهموم المكتظة بورق الخريف
تلك الهموم كانت تطبق على صدرها و تجعلها في وضع اختناق
وكأنها مسلوبة من التفكير
وهنا نأخذ الموقف ضمن بعدين
الأول ناتج حبها الشديد و غياب من تحب وهنا كان الخريف بمعنى المرض الشديد وذبول الجسد نتيجة عدم الرغبة في شيء لأنها تجد اللذة فيه بدون من تحب
وهذه الحالة هي أقرب للاكتئاب الذي يخضع فيه الجسد لهذا المرض
البعد الثاني وهو البعد الأعمق و هو اسقاط على الواقع
فهنا الشاعرة متيمة بحب الوطن و حال الوطن و الألم الذي يسكنه حيث اعتبرت الشاعرة نفسها أما مخلصة للوطن ضحت بكل ما تملك حتى باولادها في سبيله و لتراه منيرا متوهجا لكن حال الوطن وعدم تعافيه و انتشار أخبار الموت في كل لحظة من شباب الوطن انعكس عليها بشكل سلبي وباتت مثقلة بالهموم لاشيء يقنعها بتغير الحال فالخريف العربي ينتشر و يصبغ وضع الشتات في قلوب كثير من أمهات الوطن
لذلك كان السطر الأخير بقولها
تحتل الرصيف

الاحتلال هو حالة من السيطرة الكاملة
طبعا وفي جميع المعاني هي تحتل  جسد الحبيبة و تحتل جسد الأم وتحتل جسد الوطن
هكذا الهموم والأوجاع تسيطر على  الجسد فيصبح كمن يقع ورقة ورقة دون أي رغبة بالنزوح من هذا الجسد بل الشاعرة المبدعة هنا تعطينا درسا في الإخلاص والتسامي في الحب ( حبيبة..أم...وطن)
فمن يحب يبتعد عن فكرة الغربة و الهجرة ويبقى يتعايش مع الاوجاع لأنه يدرك أن الأمل دائما موجود

نص مصور بطريقة مجهرية استطاعت مبدعتنا من هذا التكثيف المذهل خلق الروح و الإيقاع في الطبيعة المحيطة بها
أولا من خلال فكرة الشتات
ثانيا من فكرة الازدحام
ثالثا من فكرة التساقط ورقة ورقة
رابعا من فكرة احتلال الرصيف أو الجسد
 هنيئا لأبجدية تعشق بنانك أ. هالة السحار
بقلمي  أحمد اسماعيل  سورية


قراءة في نص الهايكست المبدعة Hala Shaar بقلم أحمد إسماعيل / سوريا Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 26 فبراير Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.