وددت أن لا أكونه...بقلم أحمد الحسن / سوريا



وددت أن لا أكونه
ليتناسل الكلام على لسانها شعرا.

في عبوره الأخير
نظر الغجري في العيون،
مدّ بينهما خيطاً خفياً من رحيل.

في عبوره الأخير
كخيميائي حكيم بلل روحها بالعطور
فنضجت في لحظة صمت
وتدلت من فروعها الجافة عناقيد
خارج النظام العام لقبيلة الكروم
خارج نظام الأيام والفصول
والأعوام،
فاستعادت في لحظة من احتراق سر الشفاه
تروي باللمى فجأة
ما ازدحمت به من زهور.

في عبوره الأخير
كان يسترق النظر في العيون،
ويقرأ سر العطش في الجرار
وما يضج في الصدور
بلاسطور.

في عبوره الأخير
صحت شياطين الجسد
فاتقد.
ومن وهجٍ تكثفتِ اللحظة وكأنها الأبد.


في عبوره الأخير
سالت القصائد على اللسان،
ورمحتِ الروح مهرةً مرسلة العنان.

لم يكن يدري أنه السبب
مضى في رحلته يؤنس الآفاق،
بروح لا تطيق الرحب إن ضاق.

بعد عبوره الأخير
تلاشى الجسد في السراب،
ورقراقه في العيون كأنه ما ابتعد.

بعد عبوره الأخير
جفت القصائد على اللسان،
وخبت النار،
وكأن جمر القلب يوماً ما اتقد.

 وددت أني لم أكنه
لعل الشعر على لسانها مدٌّ، وللعاشقين
مدد.

الشعر بعضٌ من الحب،
الشعر عناقيده تجفُّ في السلال
إن لم ترتوِ،
نسغه نبضٌ شفيف تنزَّهَ عن مآرب تدنُّسُه،
كأنها قذى في العيون
أو رمد.

الشعر إن جفَّ زبيباً
مذاقه على اللسان قابض،
وشتان بين خمرٍ ندي يسري في العروق، وبين يابسٍ ماؤه جفَّ،
وتخدد.

قد كنته، وانقضى
وكنت شمائل النشوة حين ترتجى
ولم أكن غيري
من أحد.
وددت أن لا أكونه...بقلم أحمد الحسن / سوريا Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 02 مايو Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.