تسألُني الجيادُ الملحيَّةُ في غاباتِ دمعي ...بقلم فادي حسن / سوريا



تسألُني الجيادُ الملحيَّةُ في غاباتِ دمعي
ألم تبني فخاخًا لصهيلِ النَّاجينَ من شركِ الحياة؟
وجدائلُ الضّوءِ على قميصِ شهواتِك
تشذِّبُها بمقصاتِ المياه؟
وحريقُ دم العزلةِ يثأرُ من خشبِ صمتِك
وشفاهُ الجبلِ العاري يُطلِّقُ حصاه
فيُنجبُك الغبارُ روئً!
فأجيبُ.. لا لستُ أنا

فما بالُ الرِّيحٰ يا ابن الرِّيحِ
تعبُركَ كعبورها لظلِّ مأتم!
وما بالُكَ تكرِّرُ النُّعاسَ بمصفاةِ السَّهرِ الأحدبِ!
فأغلق نوافذَك المُطلةِ على شجارٍ صباحي
بين الملائكةِ والضَّجر!
وتقاسمِ الفكاهةِ مع طفلٍ يجفِّفُ غيمةً سقطت سهوًا من حبلِ الله!
أنتَ
أنتَ.. قلقُ الصّورِ المُعلَّقة على توابيتَ الجدران
وثرثرةُ اللَّحظةِ الفاصلة بين المسمارِ والكِلسِ
المُتساقطِ من فمِ الفراغِ
أنتَ دحاحلُ يتيمٍ تيتَّمتْ ذكرياتُهُ
خبأتْها عجوزٌ في جيبِ انتظارِها المُرِّ ونامت!
لا .. لستُ أنا

يسألُني الشُّرطيُّ عند بابِ المحكمةِ
فرِّغ ثيابَكَ منكَ
وانتزع أصفادَ الرَّاحلينَ من معاصمِ قلبِكَ
فأنتَ الآن بين شاهدتينِ وفاتحة!
ولا دليلَ لديكَ يؤكد بأنَّكَ لم تكن هناك ساعةَ إغتيالَك!
والقضاةُ دوائرَ الطَّباشيرِ 
فاختر فراغًا يلائمُ فراغَك ومتْ!
فأقول:
لا.. لستُ أنا

كلّ يومٍ تسألُني (روجدا)
ألم نصلْ بعد؟
فأقول:
ــ لا لم نصلْ
فتقول:
ــ فلماذا قتلوني إذًا؟
ومن الَّذي وضعَ أسمالَ الماء فوق نولِ أنفاسي؛ فارتاحت الأنوال من نسجِها؟
فأقول:
ــ آهٍ ياطفلتي ليتني كنتُ أنا.
وما أنا إلَّا خيطُ دمٍ يحملُ وزرَ النَّساجِ أنا.

يسألُني السُّمسمُ المنثورُ على أرغفةِ المديحِ
والجهاتُ تعصبُ جباهَها
كيفَ لكَ أن تتخذَ من هذا الوَّميضِ عكاكيزًا
وترفعَ الطَّحينَ أعلى قليلًا من مستوى منجلِ
الموت!
والتَّنانيرُ متلألئةٌ كالعناقيدِ على جلودِ دراويشك
وصريرُ بابُ السَّماء الصَّدئ يغلق دونكَ طوابيرَ الدَّمع!
وتجرُّ نُواحَكَ كعربات السَّبايا من جبلِ (سنجار)
إلى تخومِ القيامةِ!
ألستَ أنتَ
من دسَّ الأرضَ في جيبِ خزَّافٍ أحرقَهُ الماءُ
فأضحى فخَّارًا
وطرَّزتَ بالأعلامِ والكتَّان قوافلَ الغادين للسَّديم
وتبخَّرتَ كآيةٍ ضاعَ تنزيلُها
مدنيَّةٌ
مكيَّةٌ
وأنتَ ملكٌ والملوكُ إذا دخلوا قريةً........
لا ... لستُ أنا
لا ... لستُ أنا
لا ... لستُ أنا

ما أنا إلَّا سراجٌ في كفِّ أعمى
أبحثُ عن زيتٍ لأحرقَ المطرَ وأنام.
.....................
فادي حسن
  14 حزيران 2020
تسألُني الجيادُ الملحيَّةُ في غاباتِ دمعي ...بقلم فادي حسن / سوريا Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 14 يونيو Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.