أحبّك بخطّ رديء....هيثم الأمين / تونس

 أحبّك بخطّ رديء

ــــــــــــــــــــــــــ

يا طفلة تلتهم صمتي

كما يَلتهِمُ، الغاباتِ، حريقْ

و تجعلني أرتاحُ، قليلا، من وجهي الحزينْ؛

بعثريني، كُريّات كافور، في خزانة ملابسك،

أسدليني، ستائرَ، على جدران غرفتكِ،

وزّعيني، نجوما صغيرة، على ملاءتك

و رشيّني، أحلاما، على وسادتكِ

و كلّما داهمكِ صمتك، كجرح مبتسم

علّقيني، مرآةً، في حمّامك الصّغير

لأخبرك كم أنت جميلة

و لأوشوش لك: أحبّك جدّا.

يا طفلة عاديّة جدّا كالعشب الأخضر

و عاديّة جدّا كنصف المسافة

و كنافذة قطار.. يسند إليها،

رأسه،

مسافر يحمل جواز سفر مزوّر

و لا أحد ينتظره في المحطّة؛

أُكتُبيني، و لو سطرا واحدا، في دفتر شاماتك،

مرّريني،

و لو مرّة واحدة،

قطعة حرير، على تفاصيل أنوثتك

و أحبّيني، و لو ليلة واحدة، كما تحبّين الشّاي و الشّكولاتة !!

أرهقتُكِ جدّا.. أعلم هذا.. فاغفري لقصائدي المبتورة الذّراعين

حين تشتد رغبتي في عناقك

فيمدّ لنا، الطرّيق، لسانه الطّويل

و حين أشرب قهوتي، وحيدا

و تشربين قهوتك، وحيدة

و تخذلنا الطّاولات و الكراسي...

لو أنّي نبتة صبّار، في شرفتكِ

أو باقة ورد بلاستيكيّ تزيّنين بها مزهريّتك

و لو أنّكِ شاطئ يغمز نافذتي

أو عصفورة استوطنت شجرة الزّيتون الجالسة، منذ مائة عام، أمام منزلنا

لكنّا، اليوم، معا، نكتب أسماء سلالتنا على شجرة العائلة

ليكون لأطفالنا القادمين تاريخ للحب

و ليصدر، ضدّنا، بطاقة إيداع بالحب !!

أرهقتك جدّا... أعلم هذا !

و لكن... هل تعلمين...

أنّي، و أنا أحبّك، أخرج،

بعد أن ينهي النّهار دوامه،

مع اللّيل

لنتسوّل وجها يشبهك، من العابرات

و من الحانات الخافتة الضّوء

و من طيور مهاجرة مرّت، ذات مساء، على سطح بيتكم؟ !!

ما بيننا أكبر من حب؛

بيننا جرح مشترك و صمتٌ يرهقنا

و قصائد كثيرة

فلا توبّخي أصابعي، القليلة جدّا

كلّما كتبت لك " أحبّك" بخط رديء...



أحبّك بخطّ رديء....هيثم الأمين / تونس Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 07 يناير Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.