لا صور على الجدارْ..هيثم الأمين/ تونس
لا صور على الجدارْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
لا صور على الجدارْ
و ذاكرتها باردةٌ
كقهوةٍ
نسيها رجل وحيد على طاولة المطبخ
ثمّ ذهبَ
إلى حادث سير !
لا صور على الجدارْ
و لا رجل معلّق في خزانة ملابسها
ليعلّم فساتينها "الفالس"
أو ليلقي آخر النّكات على مسامع تنانيرها القصيرة !
لا صور على الجدارْ
و النّافذة جرح غائرٌ ينزف ليلا باردا
و هي
تظنّ ضوء عمود الإنارة،
الواقف في طرف المدينة،
شعلة سيجارة رجل قادم إليها بعد أنْ
أغلقت الحانة أبوابها
و مازال في نفسه شيء من الحزنْ
يتقيّؤه
على رصيف امرأة وحيدة لا صور على جدران بيتها !
لا صور على الجدارْ
و كلّ شيء صامت... هناكْ؛
هناك، حيث المرأة التي
مازالت تحيك من ورق التواليت كفّ رجل تحبّهُ
و تصنع من "البانيو"
حضنا و ذراعين و رجلينْ !!
لا صور على الجدارْ
و لا جدار للجدار حين تفقد رأسها
فتضفر، من خيالها، حبالا تتدلّى من نافذتها
ليتسلّق، إليها، رجل ممزوج بالخيال و بالجنون و...
يحبّها !!
لا صور على الجدارْ
و هي
تمتمُ:
العشاء جاهز يا حبيبي... و الحمّام
و تضحكْ !!
ترتدي حذاءها ذا الكعب العالي الذي لا تجيد المشي بهِ،
ترشّ من قارورة العطر التي
أَهْدَتِها... لها
يوم سافرت إلى مقهى يرتاده العشّاق
فجلست، فيه، وحيدة !!
ترفع كتفها مستنكرة
و تقول:
عذرا يا قلم الحمرةِ
فحبيبي لا تعجبه لزوجتك على شفتيّ
و تبتسمْ !!
لا صور على الجدارْ
و حين طرقوا الباب
كانت بكامل أرقها
و حين فتحت البابْ
كانت بكامل حزنها
و حين ذهبوا
بحثت عنه، طويلا، تحت سريرها،
في خزانة ملابسها،
على طول وحدتها،
في الشّق الكبير الذي في جبل أرقها
و في علبة السّكّر و في علبة القهوة، أيضا
و لكنّه لم يكن هنا
و لم تكن له صور على الجدارْ
فجلستْ... هناك
وراء النافذة
تحملق في شعلة السيجارة التي لا يصل صاحبها
و ترضع حزنها ليشتدّ عوده
و يرحلْ...
ليست هناك تعليقات: