نوبة صراخ ...هيثم الامين / تونس

 نوبة صراخ

ــــــــــــــــــــ

أنت، المتعب منكَ، 

اصرخْ...

ربّما، يورق صوتك على أشجار الضّجيج

فتصير وطنا لسنجاب

أو مأدبة لحيوان "الكسلان" يلتهمك

و هو يحدّق، في العالم، عبر عينَيْ عصفور !

أنت، المتعب فيك،

اصرخْ...

لتهتزّ حبالك الصوتيّة

فيتوقّف "زوربا" عن الرّقص

و يمدّ القصيدة بين صمتَيْكَ قبل أن يعود إلى موته الأخير

فتعبر شامات حبيبتك من الـ"أحبّكِ"

إلى نكهة شفتيك !

اصرخْ أقوى، يا أنت

فصراخك باهت كجرح غائر في صدر جنديّ عالق في وليمة مدافع؛

ربّما، تسمعك أقدام الرّفاق المبتورة

فتضحكْ،

ربّما، تسمعك بندقيّتكً

فتبكي

و ربّما، تسْمَعُكَ.. أنتَ

فتقطع حبلك السّرّيّ و تولد من زرّ قميص نسيته حبيبتك مفتوحا !

أنت، العالق فيك،

اصرخْ...

ربّما، تتعلّم أصابعُكَ كيف تكون باعة متجوّلين

فتبيع كلّ قصائدكَ المحشوّة بكَ

و بحزنكَ

و بخبز صدرك الذي لم ينضجْ في صدر حبيبتكَ

فتصير خفيفا منكَ

و يصير عنقك واسعا

فتنفلتَ من قبضتكَ !

اصرخْ...

ربّما، يُفزع صراخك وجهك

و كلّ الظّلال التي تطاردُكَ

فتكتشفَ غواية العواء

و كيف تصير مدينة 

شوارعها لا تحمل أسماءً

و مقاهيها لا تمنح كراسيّا لروّادها !

اصرخْ...

كما صرختك الأولى

حين سقطت في عرائكَ

فاكتشفت أنّ المرايا لا تصنع انعكاسا ضاحكا لوجهك العابسِ !

اصرخْ...

كما صرختكَ الأولى

حين سقطت في الاشتهاءْ

فاكتشفتَ أنّ الأرصفة لا تؤجّر، لقبلتك، زاوية بالمجّان !

اصرخْ...

كما القطاراتْ،

كما الأحذية الضيّقة،

كما المجاذيبْ

و كما أمّك التي قذفتْ شبيهك إلى الهلامْ

ثمّ جلستْ تنتظرُكَ

ربّما... صراخكَ

ينقذكَ

من اكتمال الصّمتِ فيكَ...



نوبة صراخ ...هيثم الامين / تونس Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 08 مايو Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.