الواقفُ على الصَّدى (نص البرزخ) رياض السامعي / اليمن
- الواقفُ على الصَّدى (نص البرزخ)
الإهداء: إليَّ ..!! في ذكرى رحيلي الدائمة.
في القبر
اتحسس جسدي جيداً
أرتب سرير الإقامة محاذياً الأبد بشكله النهائي
أنظف روائح الموت المتسخة على كفني
بالضئيل من ضوء العتمة
في الجوار بيوت من عشوائية الطين
تتناثر في عراء الخلود،
كأنها الأجنحة المنسية من شجر الميلاد
ومدائح رقطاء تنزف الصبار على ساعة العدم
جسدي ما يزال دافئاً كأنه مات قبل قبرٍ ونصف
طرياً كما لو دُهِن بعرَق الصندل والحليب الوطني
المجفف من لحاء شجرة دم الأخوين.
مسامير الظلمة تُثبت روحي على حائط الكون الأخير
وتزرع النساجون على أقطان قدميَّ الفراغ
أثرثر كمنسوجٍ جيدٍ يرتدي عمامة الغمام
وخلاخل الوقت المفقود من فكرة الانتظار
مالذي يفعله الموتى حين يكبرون
هل يذيبون الضوء في انعكاساتهم
أم يحاولون مثلي
إيقاف حرارة أجسادهم المُتسربة إلى التراب
لا شيء .. لا شيء هنا
يبدو لافتاً أو مهماً
كما ينبغي أو يجب
قلقي ما يزال كافياً
لتجاوز رحلة العدم الساخر من ضحاياه
رأسي يعمل أيضاً
كأنه عاد للتو من حفلة راقصة في يعاسيب النحل
يداي تحصيان خيبات السبئيين ومَدَارِهَ العرم على أسماع الموتى
تخبزان انتصارات المُسْنَد على جدران الأقيال
قدماي تتحركان في فراغ بلقيس الصاخب
خلف أعمدة الشمس
أتسع قرابة أعوام من اللاشيء وتفاصيله
ببطءٍ يقترب النمل الغارق في أدمغة الموتى
ويحاول التأقلم مع عروق الوقت
منزوعة النسيان في سرايا جمجمتي
أبدو على ما يرام الآن،
هنا
موتى يقاسمونني برزخي
ويصدحون بنشيدي الوطني
فُرص مفتوحةً للكلام تتشبث بلحى الموتى
أقفاص معبأة بالعتالين تقفز إلى الجحيم
جحيمٌ متشردٌ ينام قيلولته على سرو المكان
أمكنة تنط كالأرانب على درج السماء
خطى تنبشها سحائب الهدوء
يبعثرها الفقدان على سلالٍ لانهائية الحُمقْ
معلقة على سيف البرزخ
وأنا
الواقف على مسامير الصدى
كجيلٍ أخيرٍ كاملِ الصَّدأْ
أدرب الموتى على الضحك الكثير
أحميهم من الوطن العضال
وأحملهم على نعش التمائم والحظوظ
لكي نعود إلى الحياة.
رياض السامعي - اليمن
.
ليست هناك تعليقات: