حين كانت لدي حياة ..سولين محمد أباظة / سوريا
لا أعرف كيف يمكن أن نختصر العزلة في كلمة، هل هي فراغ الروح؟ أم أننا أعتدنا اجتياز حياتنا بدون أحد.
كانت لي حياة قبل أن أغادر موطني، كان يتاح لي الكثير من الوقت كي أفتح شبابيك اللهفة على جيراني، أن أتجادل معهم في منتصف الليل، نضحك على أنفسنا من تفاصيل مرت دون أن ينتبه إليها أحد، وكان ذلك يسرني : إذ ليس من المتوقع أن تغتابني عين مادام الجميع قد وقع قبلي.
حين كانت لدي حياة، كانت لدي موهبة الحلم، أقتنص ما يمر أمامي من تفاصيل، حتى وقت الحزن كان جميلا، لم يكن هناك رهبة من أن تصفعني الحياة على حين غفلة، أو أن تفتك بقلبي كل ما تطاله.
الحزن يكمن في القلب، كانت تقول أمي، لكني اكتشفت أنه يكمن في العقل أولا، ثم تأتي الروح، حين تلفنا العزلة، ويأكلنا الشعور بالندم على الأشياء التي لم نفعلها.
في الخامسة صباحا من كل يوم أفتح عيني على فراغ جديد، لقد حققت نصف ما أحب، وما تزال في القلب غصة، غصة الأصدقاء الذين فارقتهم، غصة الكتب التي لم اقرأها وأنا في عز بهجتي، غصة الحب الذي لم أذقه إلا بعد سنوات عجاف، غصة الكلمة التي لن تخرج من القلب أبدا.
ماذا افعل بالعزلة حين أصل الى الأربعين؟
كيف سنتقاسم لحظاتنا اليومية؟ هل سنتشاجر من منا سيغسل إفطار الصباح؟ ومن منا سينتصر على الأخر في نهاية كل نهار!
اسوأ انتصار للنفس هي الجلوس بدون كلام، النظر بلا حب، الكتابة بلا رغبة، حتى الشم يبدو فعلا مستفزا حين تخترقك رائحة جميلة ولا تهتم.
أيها المعتزلون - وأنامنكم - اعتبارا من الغد سوف نضيئ أرواحنا بلا متعة الحزن، على الأشياء التي تمر حولنا ولا نهتم
.
ليست هناك تعليقات: