هاميس ....هيثم الأمين/ تونس

 "هاميس"

ــــــــــــــــ

"هاميس"

وجهك، قبل النّهر، لم يكن شجرة

و أنا...

كنتُ جرحا في قدم الأرضْ

و العصافير كانت طائرات ورقيّة

يرميها، على المارّة، من أعلى ضحكاتهم، أطفال مشاغبونْ !

وحدها أسماك الزينة في مقهى "الآكواريوم"

كانت تحتفظ، داخل حكايات أسلافها، بكلّ أسماء النّهر...

جميلة أنتِ... يا "هاميسْ"

كمطلع فجر، في أيلول، يعانق رائحة الخبز

و يرتدي قميصا خفيفا من رائحة البن؛

يوزّع أحلاما ورديّة 

على مراهقين 

سهروا يحتسون أسماء حبيباتهم لأنّهم لم يروْا، يوما، النّهر!

جميلة أنتِ... يا "هاميسْ"

كما أغنيات أعراس الجنوب و هي تلوّح للجبل؛

الجبل الذي

وحدهُ

يملك الحقّ في تحديد موعد النّهر، القادم !

يُعجبني... مطبخك الصّغير

و حمّامك الذي يعجّ بقوارير كثيرة:

أسمّيها، أنا، كلّها "شامبو"

و تطلقين عليها أسماء كثيرة لم أحفظها يوما !

"هاميس"

لقد كان العشاء مالحا، بعض الشّيء

و كنتِ رطبة كغابة استوائية، حين خرجت من الحمّام ! 

و أنا... رجل مملّحٌ 

كسبخة لا تعرف شيئا عن النّهر

إلّا ما حدثّها به طائر نحام ورديّ عابرْ !

تعجبني غرفة نومك

و سريرك الذي يتّسع لحلمينْ...

ليس مهمّا... و لكنّي أظنْ

أنّ القميص الأخضر الملكيْ... أجملْ !

نعم.. حتما... أنا أعشق الكحلْ

و لكنّك.. دون كحل... أروعْ !

غنّي يا "هاميس"

و أنتِ ترتّبين رغبتي أمام المرآة

و تكشطين عنّي مجراي القديم...

و هذا الضّوء 

بخور مقدّس وآخر طقس في الحكاية

فافتحي، يا "هاميس"، بوّابة الماء

و اعبري، بمباركة كلّ أسمائنا المشتركة، وبكلّ غرقك إلى مجرايْ

لأفيضْ

فيصير وجهك شجرة

و تصير الطائرات الورقيّة عصافيرا

و أصير ما يشبه النّهر، في قدم الأرضْ

فتتخلّص حنجرتي من الملح الزائد الذي كان في العشاء !! 

ــــــــــــــــــــــــ

*هاميس: اسم عروس النيل في فيلم لبنى عبد العزيز



هاميس ....هيثم الأمين/ تونس Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 01 يونيو Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.