قصيدة مسروقة..هيثم الأمين /تونس

 قصيدة مسروقة

ــــــــــــــــــــــ

لا أصلح أن أكون شاعرا؛

فالشّعراء،

كما الفزّاعات،

يجيدون الوقوف في حقول المجاز

حتّى لا تسرق طيور الصمت الثرثرة من سنابل القصيدة

و أنا.. رجل لا يجيد الوقوف

على قلم واحد !

الشّعراء يحبّون اللّيل

و يتسكّعون في الحانات و في النّساء

و في الصّباح،

يذهبون إلى الحياة برؤوس ثقيلة

و بقلوب خفيفة كريش الحمامْ

و أنا.. لا أملك ليلا واحدا لأتسكّع فيه

لأنّي أنام، دائما، كلّما قبّلتني كأسي الثّالثة

و قبيلة النّساء التي أحبّها؛

في أقصى المسافة، 

لا شرفة لصدرها أجلس فيها لأشرب قهوتي

و كلّ نوافذها معصوبة الزّجاج

و في الصّباح، لا أذهب إلى أيّ مكانْ !

لا أصلح أن أكون شاعرا؛

فالشّعراء يجيدون تقمّص دور المدينة

و يتقنون مهنة "ميناء"

و أنا 

كلّما تَعَلّمْتُ رصيفا

أنسى

أبجديّة الأبواب

و لا أملك شهادة "سفينة"

لأمتهن مهنة "ميناء" !

الشّعراء

يحلمون، دائما، بالضّوءْ

و يرسمون مياهً صافية في مجرى النّهرْ

و أنا.. مازالت تطاردني العتمة، في كوابيسي

و كلّما ملأت مجرى النّهر بالماء

أغرقوني فيه

فيصير الماء بلون جثّتي !

أنا...

لا أصلح أن أكون شاعرا؛

فالشعراء يكبرون كما الأشجار

و أنا

كلّما حاولت أن أصير شجرة

حاصرني الخريف و الحطّابون...

الشّعراء يكتبون

بأصابعهم، بدمائهم

و بالأغاني التي سمعوها من العابرين

و أنا

ولدتُ بأصابع مشنوقة

و دمي.. رجل غريب لا يجيد لغتي

و العابرون

عبروني بكلّ صمتهم حتّى لا يثيروا ثرثرتي الحزينة !

أنا لا أصلح أن أكون شاعرا

و هذه القصيدة وجدتها نائمة في جيب معطف رجل كان يحلم أن يكون شاعرا

فنسبتها لي...



قصيدة مسروقة..هيثم الأمين /تونس Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 20 يوليو Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.