مقال :لماذا نتعرف إلى الفلسفة..ريما آل كلزلي/ سوريا

 لماذا نتعرف إلى الفلسفة؟


هناك سر غريب في الفلسفة ، غوايته أجنحة تحلق بالعارفين في فضاءاتها، ولكنها فعل عميق يحتاج الكثير من الوقت والتأمّل، يكاد يشغلنا عنه الكفاح اليومي في سبيل الحياة الكريمة.


بعيداً عن أي عبثية مملة،  نحن بحاجة دائماً أن نحدد قيمة الأشياء التي تحيط بنا ، وكيفية التعايش معها لجعل أحد أهم الأهداف في حياتنا أن نفهم أكثر ونعرف أكثر قبل فوات الأوان، فالمعرفة هي جوهر الوجود.


لأن التفكير سِمة أساسية للإنسان ، فهو خُلِق مفكر وهذه طبيعة البشر..

وهذا أحد أسباب الرقي بالانسانية ، ومكنوناتها.

واقع الحال يثبت أنه كلما شقي الإنسان بتفكيره ذهب إلى التسلية والهروب من السؤال الذي لاتتضح إجابته ظناً منه بأنها الحل.

إذن لنفهم الفلسفة يجب أن نفهم مامعنى التفكير في الأصل.

التفكير في معناه العمومي: هو نشاط ذهني يختلف عن الإحساس والإدراك، ويتجاوز الاثنين معاً إلى الأفكار المجردة.

من هذا المنطلق نتحول لرؤية الحقائق في جوهرها الأبدي وفي كليتها بعيداً عن التفاصيل لنبلغ الكمال.

هنا تكمن حكمة الفلسفة في الرؤية الأوضح والأعم.


يقول ثورو: حتى تكون فيلسوفا لايكفي ان تكون لديك أفكارا حاذقة و ذهناً  حادا ً أو أن تكون مبتكرا ًلنظرية جديدة أو تابعًا لمدرسة فلسفية ، ولكن عليك ان تكون محباً للحكمة ما حييت وتعيش وفقا لمشورتها، كن محبا للحكمه لتكون مستقلاً وأهلا لثقة الجميع.


فيما لو عرّفنا الفلسفة لغويّاً : لوجدناها تعني حرفياً "حب الحكمة "

وفي ذلك دراسة الأسئلة والقضايا المتعلقة بالإنسان من وجود ومعرفة وسياسة وأخلاق وجماليات وقيَم 


بينما المنطق هو أداة التفكير (فيها )وآلة العقل .

حقول الفلسفة 

١. الميتافيزيقية

٢. المعرفة

٣. الأخلاق

٤. السياسة

٥. الجماليات

لكن سؤال مهم يتبادر إلى الذهن: ماهي فائدة الفلسفة؟

بداية سأقول لو قورنت الفلسفة بالعلم لوجدنا رواج العلم وتقدمه ، في المقابل الفلسفة تأخذ على عاتقها المهمة الأخطر ، وهي الخوض في المجهول وقضايا الخير والشر ، الجمال والقبح، الحرية والنظام، الحياة والموت  ، وهي الخندق الأول لتسهيل مرور العلم فيها.

لكن الأهم إن كل علم آفاقه تبدأ نتيجة سؤال فلسفي ، مهما بدا جامداً أو مُربكاً ، حتى يصبح بالتجربة والعلم معرفة ثابتة


والفيلسوف ليس مجرد أداة لشرح الحقيقة وتفسيرها بقدر ماهو (عارف ) مهتم لقيمة هذه الحقيقة ومعناها، وأثرها على التجربة البشرية ،  وهناك من يقول : أن العالم يعرف أكثر وأكثر عن ماهو أصغر وأصغر ، بينما الفيلسوف المفكر يعرف أقل وأقل عن ماهو أعظم وأعظم .


إن العلم بلا فلسفة هو حقائق بلا منظور  فالعلم يمنحنا الحقيقة ، والفلسفة تمنحنا الحكمة ،

لذلك كان التعرف إلى الفلسفة في واقع الأمر  هو توضيح للمنظور المثالي للأشياء،  لأنها تُنشَد كمسلك حياة للعباقرة والحكماء، كما يتوجب التعرف على حياتهم لمشاطرتهم متعة الفهم .


هناك قول لأمرسون : هل تعلم ما هو سر طالب المعرفه الحقيقي؟ في كل رجل هناك شيء يمكنني أن أتعلمه منه، ومن هنا فسر المعرفة الحقيقية يكمن في أن تكون تلميذ الجميع، حتما من السهل علينا أن نكون تلاميذ الفلاسفه ومثل هكذا أساطين للفكر بدون ان يجرح ذلك كبريائنا، واقع الامر ان الرجال العظماء يخاطبوننا فقط إذا كان لدينا آذان وأرواح لسماعهم.


نحن أيضاً نتوق للمعرفة والفهم بقراءة تاريخ الفلسفة  منذ عهد ( طالس ) وحتى الفلسفة الحديثة التي تمتد من الحرب العالمية الثانية وحتى وقتنا الحاضر ، على الأقل لتعويض الشعور بفقد الحساسية المرهفة الموجودة لديهم، كمطلب للوصول إلى مثُل عليا نطمح إليها ولم نبلغها بعد ، ونرقى إلى موسيقا الفضاء، متمثلين بقول أرسطو عن الفلسفة بأنها تلك الموسيقى الكونية العظيمة.


دعونا نتعرف على هذا الجمال غافرين كل قبح في أخطاء الفلاسفة ، لكي نغوص في خير ماتخبئه الفلسفة نفسها بعيداً عن أي شيء آخر.


 ريما ال كلزلي



مقال :لماذا نتعرف إلى الفلسفة..ريما آل كلزلي/ سوريا Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 07 يوليو Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.