فرح كطفل تكذب عليه أمه ويصدقها بقلم مصطفى الحناني المغرب



الوَجه الذي أطل علي من نافذتي الزرقاء 
نثر على رقعة خياشيمي عطره وغاب
كأنه ممر طويل لعريسين
النافذة إياها
منفذ مر منه بعضي
وبعضي تشظى على ضي الوسادة
أتقمص وضعيات الطلة
هنا أصابعي
هنا أنفي
هنا شفاهي
وهناك بعضي وبعضي اكتمال
أهزني من ثباتي لأثبت للجيولوجيا
أن الأرض بها عطب طويل
الأرض لا تدور يا جاليليوس
فلو كانت نظريتك صحيحة
لاصطدمت حالا بسريرها
لأتفقد العطر الذي رماني بالشرود
•••••••
أيتها المتعبة بي وكل تعبي فيها
هاتي أصابعك
لنرتق عطلا في ساعة الذاكرة
فالوسادة التي لا ترفع رأسي إليك محض وهم
والبيت الذي لا تصطبغ جدرانه بعرقنا
عار من حقيقة الوجود
••••••
العرق الذي يتصبب الآن في القلب
رذاذ بحر لم تعبره سفن القراصنة
والنوارس التي لم ترك
خارجة من تصنيفات الطيور
سحليات تحلق بسقف العدم
تغطي ثقوب جراب صياد
الصياد الذي خسر كل رصاصاته
كان يحشو نايه بالرصاص وإصبعه على الزناد
يصوب صوب قلبه طلقات متتالية
مثل موال تغنيه الأمهات في العراق الحزين
••••••
قلبي وقلبك مدينتان منسيتان
كما نسيت قبلهما القدس العتيقة
ولم يتذكرها أحد من المؤرخين
سوى أغنية لفيروز تبكي الغياب
وقصيدة من ياسمين دمشق
لشاعر يلهج قبره في رام الله
••••••
فرح كطفل بين يديه
تنهض جينات جده في البكاء
وفي قلبه المعقوف كالخيزران وجع الطرقات
هنا الأبواب بلا مفاتيح مشفرة
والجدران متكئة على زعفران السقوط
وأنا الآن أبكي الأرض
والأرض تبكي في حضن غيري
تبحث عن شتيلة اغتراب وردة الفرح
في تراب تحمله أكف رياح هوجاء
الأرض التي لا تدور
وإن دارت لا تمسح عن جفوني البكاء
ولا تترك في جيبي بذرة فرح واحدة
الأرض التي زيفها التاريخ
وترك جهاتها مشرعة على الاحتمالات المقيتة
تدور الآن على رأسها كالخذروف
والخيط قيطان من حياكة المكيدة
•••••••
أيها التَارِيخٌ المغشوش
في الأنساب والألقاب
المليء بالحيل والانتحالات
المرشوش بعطر السم المدسوس
المجروح كصوت أم
أم أسر أولادها كلهم في معركة واحدة
الحرب حماقة
تهمس طفلة في أذن دميتها وتدعوها للنوم
وفِي ذَاكِرَتِها حلم على هيأة مسدس
المسدس خال من الرصاص كصدمة
والمطاردات كابوس مرعب للظباء في الخيال
فرح كطفل تكذب عليه أمه ويصدقها بقلم مصطفى الحناني المغرب Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 03 يونيو Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.