لستُ مستعدّا للموت .....هيثم الأمين / تونس



رغم أصابعي الباردة جدا،
رأسي المليئة بالثّقوب
و صدري المتحوّلَ
إلى حانة يتقيّأ فيها العابرون
أحزانهم
و يغنّون، فيها، وعودهم الزّائفة بالبقاء
فأنا لستُ مستعدّا...
للموتْ !
تقول امرأة بجلدٍ طاعن في البياض:
أصابعك باردة جدّا
و جلدي لا يصلح لأن تكتب عليه وصيّتك الأخيرة
فقد يبتسم لي رجل وسيم لا يُشبهك
فأذوب كشمعة في شرفَتَيْ عينيه
و تذوب معي وصيّتك الأخيرة.
أقول:
لأكون رجلا مستعدّا للموت، لا بدّ لي من أن أكتب وصيّتي
و أن أخبّئها، بعناية، في مكان مكشوف
كحزن امرأة، مثلا
أو أعلّقها، تميمة، في عنق حلم طفل نسيته مواسم الولادة عالقا داخل شرنقة.
يقول طفل لم تنضج، بعد، حبّتا الكرز بين فخذيه:
رأسك مليئة بالثّقوب
و لا تصلح لأن تكون كرة أركلها برجلي الصّغيرة
و أنام، و هي في حضني، حالما بأن أصير لاعب كرة قدم مشهور.
أقول:
لأكون رجلا مستعدّا للموت،
لا بدّ لي من طفل يعلّق رأسي على جدار
أو على حلم
فيستيقظ، كلّ صباح،
ليلقي على رأسي التّحيّة
و يوشوش للعبته:
غدا، سأكبر
و ستشبه رأسي هذه الرّأس.
يقول رجل سكران فقد كلّ أصابعه في حادث شِعْر:
الحانات، يا سيّدي، لا توزّع الفرح بالمجّان
و هذا الطّريق المعبّد
شريط طويل من الشكولاتة السّوداء.
بيت حبيبتي
ليس مربّعا كما تظن
أو  أبيض اللون كما تراه.
بيت حبيبتي تفّاحة.
حبيبتي دودة جميلة
و أنا عصفور
سيو سيو سيو
و يضحك... يقهقه...  ثمّ ينفجر بالبكاء !
و أنا
مازلتُ لا أفقه شيئا من لغة السّكارى
و لا أفهم كيف يتورّطون في كلّ هذا الحزن
فكيف سأكون مستعدّا للموت
و أنا
لم تدهس أصابعي قصيدة،
لم ألعق، شيئا، من شريط الشكولاتة السوداء الطويل،
لم ينبت لي منقار لأصطاد به حبيبتي الدودة الجميلة
و لم أحتسِ، يوما، ضحكا حدّ البكاء.
لستُ مستعدّا للموت .....هيثم الأمين / تونس Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 09 ديسمبر Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.