رأس واحد لا يكفي ....هيثم الأمين / تونس
تسألين: لِمَ أحتفظ بمفكّ براغي و كلّابة في جيب معطفي؟!!!
حسنا، سأخبرك سرّا صغيرا عنّي:
أنا..
أستيقظ، كلّ صباح، برأس واحد!
أنتِ، حتما، لا تعلمينْ
ماذا يعني
أن يستيقظ رجلٌ، ينحدر من سلالة الحزنْ،
كلّ صباحٍ،
برأس واحدْ!
كلّ صباح، أسحب رأسي الواحدَ من فم آخر كابوس إلتقمه
لهذا
لا تتعجّبي
إن أنا ألقيت عليك التحيّة
برأس مثلّث، مثلا، أو مربّع
أو برأس فوضويّ الشّكل.
حين يستيقظ رجلٌ، ينحدر من سلالة الحزن، مثلي
برأس واحد
فهذا سيجعله مضطرّا لتغيير رأسه عند كلّ رأس ساعة!
نعم، قد أركّب بدل رأسي
رأس عصفور أو جدارا
أو رأس مهرّج.
أحيانا، أركّب، بدل رأسي، قنبلة بفتيل قصير جدا
و في الغالب أكتفي بإعتمار قبّعة.
لهذا
أنا لا ألتقط السّيلفي
حتّى لا يعتقد الآخرون أنّي لست شخصا واحدا.
في الأيّام التي لا يكون لي مزاج في أن أخرُج من رأسي،
فأكتفي بالاختباء داخله كحلزون داخل قوقعته،
أتركه ليهترئ مع كلّ نطحة من رأس السّاعة...
عند المساء،
تنمو بين كتفيّ غابة من الرّؤوس
فيرتادُني حزن فقير
و يحتطبها رأسا، رأسا
حتّى إذا ما بقي لي رأسان فررتُ بهما إلى النّوم
لأستيقظ، صباحا، برأس واحد
و رأس واحد،
يا حلوتي،
لا يكفي رجلا ينحدر من سلالة الحزن، مثلي
فأنا أخشى
أن يرتادني ذاك الحزن الفقير في وضح النّهار
و يكون محتاجا، جدّا، لاحتطاب رأسي الواحد
فأبقى دون رأس!!
هل فهمت، الآن،
سرّ مفكّ البراغي و الكلّابة في جيب معطفي؟!
رأس واحد لا يكفي ....هيثم الأمين / تونس
Reviewed by مجلة نصوص إنسانية
on
01 ديسمبر
Rating:
ليست هناك تعليقات: