مساء عاديّ جدّا ....هيثم هيثم الأمين/ تونس


مساء عاديّ جدّا



ـــــــــــــــــــــــــــــــ

حتّى أنا.. ما عدتُ أكتُبُ لي،

ما عُدتُ أسأل الآخرين عن أحوالي

و عن أخبار صحّتي...

حتّى أنا

ما عدتُ أنتظرُني

و ما عدتُ أبتسم لي

كلّما رأيتُني، على زجاج النّافذة، أدخّن

أو، على صفحة مرآة عابرة،  أحلق ذقني!

هذا المساء، مثلا، اشتقتُ لي، كثيرا !!

و مع هذا، لم أتّصلْ بي،

لم أهرع إلى ألبوم الصور لأراني

و لم أتلصّص عليّ، من وراء ثقب باب غرفتي

لأطمئنّ إن كنتُ نائما

أم أنّي، مازلتُ، أعاني من الأرق !

فقط، أعددتُ قهوة خفيفة

و دخّنتْ !

مازال الشّقّ في الجدار، يبتسم

و مازال الجرح، في باطن رجلي، يبتسم

بينما تخلع المدينة فستانها الأزرق

و ترتدي قميص نوم أسود يليق بشبق الأشباح العائدة من غبار النّهار

و أنا... أبتسم؛

أبتسم كقطار قديم،

يُفكّكُ أطرافه في باحة محطّة متقاعدة،

تذكّر، للتّو، شتائم المسافرين لأنّه، كالمعتاد، وصل متأخّرا جدّا !!

هذا المساء،

و ككلّ المساءات العاديّة،

أنا أكرهُني؛

أجالس أنفي الذي يحشر نفسه في كلّ تفاصيلي،

لا أبالي لعلب التّبغ، الفارغة، و هي تلعب على الأرضيّة،

لا أضحك للنّكات البذيئة التي تطلقها منفضة السّجائر

و لا يثير، سخطي، بكاء بقعة الشّاي المسكوبة على لوحة مفاتيح الحاسوب

و أبتسم،

في وجه أصابعي،

كجنديّ عشرينيّ،

ترك قضيبه في يد الحرب،

تدعوه ابنة الكولونيل لوليمة سرير !!

مساء عاديّ جدّا ....هيثم هيثم الأمين/ تونس Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 16 يناير Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.