كُنْ ممتنَّاً ..ميرفت أبو حمزة / لبنان
كُنْ ممتنَّاً
_______________
كُنْ مُمْتَنّاً لعُزلتِكَ الطويلةِ
بعيداً عن النفاقِ ..
لسَقفٍ يُظَلِّلُ رأسكَ
مِنْ الحرِّ والشتاءِ والشَّظايا
للوحةٍ وقفتَ أمامها طويلاً
كي تكتبُكَ القصيدةَ
لنَافِذَتِكَ الصغيرةِ
حَتى ولَو أطلَّتْ على الخرابِ
للبابِ حِينَ يَنْسَلُّ الضوءُ من شقوقِهِ
للجرائدِ والورقِ الأصفر
لعزمِكَ على الخروجِ رغمَ التعب
لشجرةٍ في طريقِكَ احْدَوْدَبَ ظَهرُها
ولَمْ تَهجُرْها العصافيرُ
للعصافيرِ حِينَ تُنشِدُ حزنَكَ
للأبنيةِ البيضاءِ وقرميدِها
عندما تَعكِسُ ضوءَ الشمسِ
لطفلٍ يتدربُ على العزفِ
فيُذَكِرُكَ بأغنيةٍ تُحبُّها
للدروبِ حِينَ تحملُ جُثتَكَ دونَ شكوى
للأرصفةِ التي تنامُ عليها قططُ الشوارعِ والذكريات
لأعمدةِ الإنارةِ في ليلِكَ الموحشِ
ليافطاتِ الطريقِ وللطريقِ
لإشارةِ المرورِ القديمةِ
للشرطيِّ حتى لو كانَ عَابِساً
للوجوهِ العابرةِ ومَلامِحِها المختلفةِ
للسياراتِ حينَ تَعبرُ مسرعةً
وحينَ تتوقفُ لكَ لتَعبُرَ الطريقَ
لرائحةِ الياسمينِ في الشوارعِ
العائمةِ بالقمامةِ
للمَقْهَى حينَ تَجِدُ طَاولةً فارغةً بانتظارِكَ
للنادلِ وصوته المختنق
لفنجانِ قهوتِكَ " السادا "
لتَبْغِكَ المحترقِ ونَهَمِ المنفضةَ
لامرأةٍ عَبرتْ أمامَكَ
ورَمقتكَ بابتسامتها الماكرةِ
لأمُ كُلثُومَ حينَ تُغني بنفسِ اللحظةِ
* رجعوني عنيك *
لمتشردٍ صغيرٍ يبيعُ المناديلَ
ويمسحُ أنفَهُ بكُمِّ كنزتِهِ
لجيبِكَ الفارغِ مِنَ * الفكة *
للمشيئةِ حينَ تأخذُ مِنكَ جميلاً
ولا تأتي بأجملَ ..
للموتِ حينَ ينتقي الرفاقَ حولَكَ
قبلَ أنْ ينتقيكَ
لجارتِكَ العجوزِ
حينَ تسألُكَ أينَ كُنتَ في هذا الوقت
لصبرِكَ على فضولِها
للوقتِ الذي قضيتَهُ
خارجَ حبسِكَ الإنفراديِّ
للعتمةِ وسُكُونِها.. لسريرِكَ الباردِ
لحُلمِكَ القصيرِ مع حبيبتِكَ السابقةِ
للملاءةِ التي ما زالت تُثرثرُ بأنفاسِها
للبردِ .. للثلجِ .. للريحِ
لسيارةِ الإسعافِ في آخرِ الليل
لغرفةِ الإنعاش والأنابيب
لممرضةٍ رأت فيكَ فارسَها
القادمَ في كفنٍ أبيضَ
للنفقِ الأخيرِ .. الأخيرِ
للحظةٍ كانت ملّكَكَ وحدَكَ
لخفقةِ قلبِكَ الأخيرةِ
ونَفَسِكَ
أ
ل
أ
خ
ي
ر
__________________
ميرفت أبو حمزة
من ديوان"ليتني"
ليست هناك تعليقات: