شجرة الزيزفون هل صارت جرحاً ؟عبد العظيم ناجي/ مصر

 الغائب

الحاضر في القلب أبدا..

وابدا ...

            الشاعر ...،،،

                وكفى؛

           عبد العظيم ناجي


         .شجرة الزيزفون ..

          هل صارت جرحاً ؟


هل كُنّا نسمعُ صَوْتا يأتى من داخلْنا كصرير الباب المكّسور ...

فندخلُ في أَنفسنا ... نجلسُ فوق كراسىّ الرمل المتحركِ ...

بين القاعات المترهّلة الحيطان لكى نسْدفئ ؟

هل كانت مرآةٌ فوق جدار اللّيل تُعيد صياغتنا ... فترانا - من شُرُفاتِ

هياكلنا العظْمّية - كُثبانا من قُطْنٍ مَنْدوفٍ ..؟

بُقعا وثآليلاً في جسم الليل ؟

طيورا يزجرها ناطورٌ فرحان فتحطُّ البيْضَ على شرْيان الريح ؟

وهل كان الليل المتكلّسُ فينا بئرا من ملحِ النُّطْرون ومن أوراق

الزّنْك ... وكنا نجلس حول البئر نُغنّى ؟ نُوقد نارا كى تعرفنا

أَسْرابُ الدُّراجْ ؟

هل ذات مساءٍ - تحت مصابيح التعب البيضاء - جعلنا نقرأُ

أَنّ الجرح شهىٌّ كالأُنّثى ؟

أن الكلمات فطائرُ تُحشى بالهامبُورجر ؟

أن الصمت ممرٌ مائىّ لا تسكنه أسماكُ القرْشِ ؟

وأن الدهشة حانوت مملوء يالتّبْغ المسمومْ ؟ ...

وأن الصبح الجالس خلف الباب المحلول الساقينْ له قَرْنٌ

كالوعْل ؟

وأن الشِّعْرَ ثمار تسقط من شجر الضّوْضاءْ ؟ ...

هل كلن الوقت ربيعا حين صَحْونا ؟ كان قُبيل سقوط النجمة فى

سرْوالِ الرملِ ؟

قُبَيْلَ وفاة الماءِ ؟

وهل كانت فئران التاريخ الحجرية تنعسُ فوق رفُوفِ مشاعرنا ؟

هل مان الوقت طرياً ؟ أَمْ أَنَّا كنّا نتمدد فى اللاوقْتِ ...

ونسبح فوق رُءوس أصابعنا كالدُود على جسم الصيّرُورةِ ؟

أم أِنَّا كنّا نتبادل بعضا من أَنْخاب الأفراح الرمزية كى نتأكد من

أَنَّا أَحْياءٌ ؟

ام أن الشُّرطىّ النَّاتئ من جسم الميدان- وكان يُنشّفُ فوق 

حبال الشارع ضحكتهُ المبتلةَ أعطانا الضوء الأبيض 

كى نتجول فى فردوس من ألوان الطَّيْفْ ؟

هل كان الجوع حصانا يشحذُ فينا سُنْبكه ؟ أم كان الجوع 

صحافيا يتفقدنا كى يكتب تقريرا يوميا ؟ أم أنَّا كنا نتقدم فى

بطء ديناميكىِّ نحو زجاج الأفق الناعم حين تحطم فى أيدينا كأس

الأُفْقْ ؟


                ***


بائع العِرْقسُوس وحَبِّ العزيز وجُرْحُ على المشربية ، نَوْلٌ يلف

خيوط الوجوه على زهرة الجرح ، والقمر المتفتّتُ يسقط فى حُفٌرة

الجسم ... كيف تسير وظهرك مُتْحدُ بالجدارِ ؟

وطاحونة الريح تْجرُشُ وجهك ... هذا الذى كان وشما على حائط الرَّامْسُيوم ؟

وكنت على مغزل الماء تشرب قَهْوتكَ ...الشمس كانت على هَوْدج

الماء تقطف تفاحة من حدائق بابلَ ..

كل الدَّهَاقين كانت هناك ... تمر ببوابة القصر ... تقرأ أسماءها...

.... وباعت المرأة الجميلة ثَدْيَيها للكاهن الذىطَيّب جسمها

بالزّيْتِ ... وللإشْبين الذى باركَ زواجَها من البعل ... وفى الليل سُرقتْ الشَكّمجية الذهبية ) ...

فيا طائرا حط ذات خريفٍ على طلل القلب ... إنّ لنا موعدا تحت

غصن امن الزيزفون ... نُذرّى على مَرْهَم الصمت جُرحا ونحلم

 بالمطرالذهبى ...

فيا ربما أَجَّلَ البحر خطته الموسمية للموت ...

مرت يداه على وردة نسيتها مفكرو الماء ... رَدّ لمُقْلَتها ماءها ...

وياربما ... هل نفتش بين المراضع عن لبنٍ لم تغيره رائحة

 الفحم ؟

أم نتسلى قليلا فنفترش الوقت تحت ظلال الأحاجى القديمة ؟

أم نجعل الوقت بالونةً ثم نثقبها؟ ...

سلما ثم نقفز من فوقه؟

نتصوره عندما نتهيأ للسير قشرة موز فنركلها ؟

أم نُكورهُ ثم نَرْضُخُه فى جدار من المرح الفظواللامبالاةِ ؟

نَدْهن صُفُرة إحساسنا بالمساحيق ؟

أم نتسلى بتلفيق بعض الأفاكيه والشائعات ؟ فنزعم أَنّا جلسنا

على مقعد من رذاذ السكوت الجميل...

فلا نتساءل : كيفى يصير الهواء نحاسا ؟ وجسم القصيدة

صحنا من البُورْسلانِ ؟ وكيف يسير الصباحوعلى قدم خشبية ؟

ولا نتساءل : هل كانت الشمس تغسل ركبتها ؟

أم تبلل إحساسها المتغضن فى بركة الصبح حين شعرنا بأن

أباريق أرواحنا امتلأت بالحشائش؟

أم أن ريحا من الشرق والغرب قد حركت جَرّة الليل

فاندلق الليل فوق ملامحنا ؟ ثم لا نتساءل :

كيف استوت هذه العنكبوت على عرشها البابوى

 وأخرجت الأرض حِرّباءها ؟


                 ***


الآن تخرج آيةُ الكرسى تحمل طفلها ...

هل يكسب الموت الرّهان ؟ ..

مشت إليك حدائقُ فنفضتَ قوس جناحكَ المسرور فى أوتار

خضرتها ... ونصفك تحت أمطار المسرّة كان مغْمورا بأقراص

الزبيب ونصفك المشتاق نافذةٌ ...

عناقيدُ المداعبةِ الجميلة تسْتريح على نَمارقِ عطْرِها ....

وحبيبتي كامت وكان الماء ...سرتُ على شظايا من زجاج العشق

متشحا بجرحى ... هل أنا طقسٌ قديمٌ ينسخ الطقس الجديد ؟

حبيبتي كانت كتابا ... صار جرحى شَمْعةٌ علقتها فى مدخل 

القلب... الحروف تقول لي :

( كن ناعما كالحلم ... واسكب من إناء الجسم ذاتك فى حُميّا

الكأس ... ثمّ خُذ الكتاب بقوّةٍ )...هل كان صوت حبيبتي

مَشْتى ومنتجعا لعطر البرتقال ؟ وهل جذبت الكأس فابتسمتْ

عظامُ أصابعى ؟ ...

هل سرتُ - كنت كأننى الليل المعلق فوق أكتاف النجوم  - إلى

وجود من عذاب دافئٍ ؟ كان احتضار الموت سمفونيّةً ...

والصمت يهمس فى دمى العُريان وهو يخط جملته الأخيرةَ :

( لاتكنْ سُنْارة فى النهر كن نهرا )...فكيفتبعثرت أشلاءُ

إحساسى بجغرافيةِ الزمن ؟ ...السكون يسير منتعلا حذاء من

حرير ثم يعطينى ابتسامته ...

وجسمى قال - حين صررْتُ فى المنديل أعضائى - وداعا ...

هل تركت على المقاعد بعض أجزائى الصغيرة :

جوربي الصوفى ؟ ... مَلْعقة الكريْستُوفْلِ الملونةَ ؟ ...

ابتسامة جدتى وقد استحالت قَصْعة من فضةٍ مملوءة

بالشّرْكسية ؟

هل رسمت على الهواء إوزة من قِشدةٍ ودعوتها للرقص ... ثم

طلبت منها أن تقص على قصة " شهريار" ؟ ...

هل انا طقس بغير هُويةٍ ؟

هل صار صوت حبيبتي تلا من الرمل ؟ الطريق لبيتها مرسومة

بدم القصائد ؟ أم مؤرخة بأشجار الرثاء ؟

شتاء قديم كان يَخْصفُ نَعْله البالى ويسالنى ... وحين هتفت :

( هذا عرشها ) .. قالت عصاى : إذن نُسلّمَ ..  حجرة ملساء...

هذا المقعد البردان ... هل كانت مشاعره انتصارا للجنون

العاطفى ؟

ألم تعد للصمت ذاكرة ؟

وكيف تفوّهَ التعب المحملق فى الوجوه بهذه الكلمات ؟

كان النهر يرحل ... تاركا زهر الخَلَنْج يمارس الموت الجماعى ...

الشحوب كأنه السِّنْجابُ يقرضُ كل شئٍ ...

كان دولابُ الملابس مُطرقا...

والكون يمشى ... فى يديْه حقائب السفر المفاجئ ... مِعْطفٌ

متوترٌ ...

فهل استمر الثلج يسقطُ ؟ ...

هل تكلمت المقاعد والستائر والشبابيك التى صدئت حناجرها ؟


                  ***


حجر يتلكأ فى الرئتين ... وكأن ( الكريسْماسُ ) يسكب ألونه عيون الطيور التى أذعنت للحنين

وكان الخريف على مقعدٍ فى الصدارة يمسك مروحة من دخان يهش ذباب انْفعالاته :

( أنْتِ جسر من النار سوف أحاصره ثم أحتله بدمى ) ثم تُفْلتُ من

قبضة الليل ... فُسْتانها يتحرّشُ بالزمن الميت الوجه ذى القدمين

المخنْنثتينِ : ( ألا تعقدين مُهادنة بين جسمى وبين رياح

الخماسين ، كر أجد الوقت للذوبان على شفتيك ، وللرعْشة

الشبقية فى لحظة الصفرْ ؟)...

كان الكريسْماس يملأ بعض الأباريق.. يصلح إبزيم 

سرواله... والأصابع تحلُم بالأبدية ...تبحث فى الغرْين الماحلل

عن لغة غير محشوة بالطباشير أو بثقوب الفضاء الدلالى :

( هلا جلسنا إلى طبق من حساء المقانق ) 

مرّ المساء على ساحل القلب مرتديا بُرْنسا من غُبار ... وكانت

شفافيةُ

الضحك المتقطع تغسل أرواحنا ... ثم وتتركننا نتهانف ...

نسقط فى نشوةٍ متحضرة ... .

أذرع الكلمات مباخر مرفوعة : ( يا أباما الذى فى السماء ) ...

زجاجة فودكا ...و ( جوركى ) يطارد فى حلبة الرقص دبا

جميلا ...

ويا طائرا حاصرته الأناشيد...عيناك سِفْر من الماركسية...

قمبلة زغردت وهى تسقط من حَنَكِ الحب...

بين يديها بطاقات تهنئة ... لُعَبٌ ...

قُبُلاتٌ مُدبْلجة للذين ينامون خلف حزام التَصَحُرِ ....

( هيا بنا نبدأ الرقص ) ...

تلك العيون فؤوس .. ستحفر من حولنا خندقا

هل راَيْتِ التياتيل تكتب فوق الجليد قصائدها؟ ...

وهل الطائرات ملائكةٌ ؟ ...

كان ثمة صوت يؤكد أن مسودة الكون سون تُنقّحُ ...

أنْ الحصان الذى كان يدفع مركبة الرب يأخذ بعض الحبوب المنشطة...

الحب سوف يقوم بتشجير كل الشوارع ...

كى يجد الشعراء مكانا يليق بخلع سراويلهم ...هل نَطُوفُ معا

تحت غُصنٍ من الزّيْزفونِ ...فنستلم الجرح ؟

نخلع أُسْكُفْةَ الليل؟ ...

نَبْتدر الشمس وهىَ تحكّ عجيزتها فى دَرَبْزين سُلْمها الرثّ ؟ ...

نَسألها أنْ تبيع لنا مَقْعدين لنجلسَ كى نتساءلَ عن سببٍ واحدٍ

يجعلُ الكوْن يَسْقط من جَيْب معطفنا ! ...


.


عبد العظيم ناجي

        مصر



شجرة الزيزفون هل صارت جرحاً ؟عبد العظيم ناجي/ مصر Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 26 مارس Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.