ثمة تفاصيل أخرى ...نسرين المسعودي / تونس
ثمة تفاصيل أخرى
تمتنع عن فطامي
ترضعني الوجع و الأسرار..
تفاصيل عصيّة عن الترجمة
لا تدرّسها المدارس و لا الجامعات
أبجديّة قديمة لا تجتاز طابور الإمتحانات
تفاصيل لم تدوّن في قواميس اللغة
و لم تنطفىء في الدياجير المبللة
حاولت أن أغنيها
فتكسرّت آلة الكمان في ورشة الموسيقى
و انعقد صوت السماء و تصدّأ الجرس
جئت أكتبها ذابت الفواصل بين النقاط
و تبّخرت كالمياه في حوض الشجر المطلي بالألوان
تفاصيل عاقّة معزولة كأيام الطفولة
منسية في دبوس شعري تسيح فوق ظهري
مذ حاولت فتح الباب و أنا صغيرة
قصد اللعب مع أبناء الجيران
تفاصيل
مازالت تمزق ثوبي
فيفوح من جلدي صوت أمي
و من خلف الشبّاك المسيّج
أراني ألعب لعبة الغميضة
أشير بإصبعي الصغير
أنا من وجدتكم جميعا
أنا الفائزة فوزا عظيما
من خلف القضبان
تفاصيل كبرت كندبة تحت سرّتي
ترتعش كلمّا خلعت فستاني
ترافقني في الفصول و الأمنيات
تضحك و تبكي في حنايا الفؤاد
تزوّجت و أنجبت
وصارت كالساعة تقضم الوقت
بين الفواكه و الخضر و الغلال
تنام و تصحو
تلين و تقسو
تتلحفّ الليل و تحصد النهار
حمامة بيضاء تفرش القلب بياضا و عناقا
بومة مخيفة تحرس السقف من الإنهيار
تلاعب الرياح و النيران
تشدّ الحبل بطرف أظافرها
تجذبه
تعقده
تمسكه
ثم تتلفه
تشكله ضحكات للأطفال
تفاصيل تتلبد في الهواء
تحبس المكان في صدري
فتخترقني الأخبار من التلفاز ...
و الأطباق و الاواني ّ ...
تدير مكابح الوجدان
فأغلق على أصابعها الدولاب
تتسرّب من القفل المظلم
كالدماء إلى القلب
و تركض في نبضي
في النشوة و في الصلاة
في الصمت و في الكلام
تفاصيل
تفاصيل
و أنا عبوة ناسفة مجهزة للإنفجار
كل ليلة أصيب شبرا من عقلها
فتضمّد رأسي برأسها كدمية محطمة
و تمتنع عن فطامي
ليست هناك تعليقات: