وجهك المهزوم.....بقلم هيثم الأمين / تونس
تمشي، وحيدا، مع الجميع
تجلس، وحيدا، مع الجميع
تثرثر كثيرا جدا، معك، و أنت تُشاطر صمتك مع الجميع
و من خلفكَ
تمدُّ ذراعك و تُحيطُ بها خصركَ
ثمّ ترقص، وحيدا، مع الجميع
فلا أحد / شيء ينتظرك.
تقف على النّاصية
كشجرة، تعرّت للخريف، تعبث بنهدها أصابع ريح غريب
أو كعمود إنارة فقأ طفل مشاغب عينه بحجرْ
تسحب، من جيبك، جوّالك الصّامت
تتابع، بقلق واضح، ثرثرة ساعة الجوّال
ثمّ تعيد الجوّال إلى جيبك
و تكرّر هذا مرارا
و أنت تقف على النّاصية كحجر كيلومتري
و كأنّك تنتظر أحدا/ شيئا
أنت الذي
لا أحد/ شيء ينتظركَ.
في المحطّة
تسأل، الجميع، عن مواعيد وصول الحافلات
تدخل دورة المياه في المحطّة
و أمام نصف المرآة المتبقيّة
تعدل هندامك
تتثبّت أنّ وجهك حاضر تماما لصدفة ما
ثمّ تعود لباحة المحطّة لتسأل الجميع عن الحافلة التي دخلتها للتّوْ
و كأنّك تنتظر أحدا/ شيئا
أنت الذي
تدرك تماما
أنّك لا تنتظر أحدا/ شيئا
و لا ينتظرك أحد/ شيء.
على الرّصيف
تدلّس هويّة خطواتك حتّى لا يعرف الرّصيف وجهتك الأخيرة،
تحمل جثمانك بوقار كأنّك تحمل جنازة قدّيس
و قد تغنّي أو تبكي
و حين تصلْ
تترك باب بيتك مواربا فقد يرعبك أحد / شيء، في الدّاخل، ينتظرك
فيكون سهلا عليك الهروب
أنت الذي
لا أحد/ شيء ينتظرك
غير كرسيّك الفارغ
و ما تبقّى من وجهك المهزوم.
وجهك المهزوم.....بقلم هيثم الأمين / تونس
Reviewed by مجلة نصوص إنسانية
on
04 أغسطس
Rating:
ليست هناك تعليقات: