عُطاس ......بقلم هيثم الأمين / تونس




تبوح النّوافذ،
في عزلتها،
بالأضواء و الأصوات الملفوفة في الصّمت
إلى ليل عابر
يدخّن شارعا محليّ الصّنع
و تتمسّحُ بحذائه قطّة جائعة.
في مكان ما من هذا العالم،
الأضيق من عطسة،
امرأة
تقيس حرارة سريرها
الذي يعاني من انخفاض شديد في الحرارة
مرّتين في اليوم،
تقرأ عليه ما تيسّر من جسدها العاري،
تدلّك أطرافه بأحلام دافئة
و تسقيه عصيرها السّاخن.
و أنا
الذي أعاني من انخفاض حادّ في عدد علب السّجائر التي خزّنتها
و التي لن يرتفع عددها بسبب نقص حادّ في التزويدْ
أكتفي
بالنّومْ.
في العزلة،
تصير النّوافذ ثرثارة جدّا؛
فالمحلّات التي كمّموا أفواهها
و طيور الرّعب التي التقطت كلّ العابرين
من الرّصيف
و الوقت المصاب بالشّلل الرّعّاش
و الذي يحاول، بمشقّة، العبور من يوم إلى يوم
كلّ  هذا
جعل بحّة النّوافذ المعتادة غير مشفّرة
و يسهل التقاطها.
و هناك،
حيث يجلس رجل خمسينيّ،
وحيدا،
أمام التلفاز الصّامتْ،
تصبح قهقهة سرير جاره الثلاثينيّ الذي يحارب من أجل المحافظة على عدد سكّان الأرض
مجزرة لآخر القبلات التي نسيتها على صدره امرأة نسي اسمها
و مازال يتذكّر رائحة جلدها
و كلّ مواعيدها مع الحزنْ.
هنا،
على الضفّة الأخرى من العطسة،
صرتُ أنام أكثر
و أحلمُ أقلْ
و أُغلقُ كلّ النوافذِ
و رأسي...
عُطاس ......بقلم هيثم الأمين / تونس Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 02 أبريل Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.