هذه بداية أسبوع آخر ..مايا جمال / فلسطين

 هذه بداية أسبوع آخر.

الحياة تمضي، وأنا جالسة أمام الكمبيوتر،

أتابع عملي وأخبار الكورونا والحظر والمظاهرات والانتخابات والشهداء،

وأشرب القهوة.

تصلني رسالة على الوتسآب: 

مواجهات عنيفة.

اتحرك في الفيسبوك بتثاقل، 

وأشعر بملل مقيت. 

لا شيء يسرّ البال.

رسالة من البنك: خصمنا قرضك أيتها 

العميلة الطيبة.

أردّ برسالة أعرف أنها لن تصل: أنا لست عميلةً،

جربوا كلمة "زبونة" مثلاً. قولوا "حبيبة"، وخذوا كل ما في الحساب، 

إن وجدتم شيئًا. لكنني لست عميلةً بالتأكيد.

في الخلفية، أقرأ كتاب يذكر أمورًا لطيفة:

في اللغة الإسبانية، الجسر مذكر، 

إذ يراه الإسبانيون قويًّا ومتينًا.

أما في الألمانية، فالجسر مؤنث، 

إذ يراه الألمانيون جميلاً ورشيقًا.

وثمة نمطية مزعجة: 

القوة للرجال، والجمال للنساء، 

مع موافقتي الكاملة على الجزئية الثانية تحديدًا.

كيف تفرض اللغة حضورها في المعنى، وكيف يشكّل المعنى اللغة؟

السؤال جدلي.

في الألمانية أيضًا، هناك قصيدة حب بين شجرة صنوبر، وهي مذكر، وشجرة نخيل، وهي مؤنث. وقد أعيت القصيدة المترجمين إلى لغات ترى الشجرتين مؤنثتين.

أقرأ الكتاب وأحتسي القهوة.

مرة أخرى، تلعب اللغة بالمعاني.

في البداية، كنتُ "أشرب" القهوة خلال قراءة الأخبار العادية، لكني صرتُ "أحتسي" القهوة وأنا أقرأ كتابًا!

الحياة تمضي، والأسئلة تكبر حتى تبتلعني ، وأنا أتابع آخر أخبار عدد الموتى وأتابع مجموعات الوتسآب المملة، 

وأقرأ عن تعامل مختلف لغات الأرض مع المذكر والمؤنث.

محاولة أن أكون "مريخيًّة"، أرصد وأحلل وأستنتج ، لكني أفشل. 

أنا جزء من الأرض، وستفرض عليّ نشأتي نظرتي للأشياء.

هذه بداية أسبوع آخر.

الحياة أسوأ مما تبدو عليه، 

لكنني أراوغ وأضحك 

كي أعبرها بهدوء.



هذه بداية أسبوع آخر ..مايا جمال / فلسطين Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 08 فبراير Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.